قلل الإعلان عن تغيب الزعيم التاريخي لجبهة القوى الاشتراكية، حسين آيت أحمد، عن المؤتمر الخامس للحزب، من وهج الحدث، لكن المؤتمر يحتفظ، رغم ذلك، بحرارة سياسية وخصوصية تميزه بالنظر إلى التوقيت والظرف الدقيق الذي يمر به البلد والحزب. لا يعد المؤتمر الخامس للأفافاس، الذي يبدأ أشغاله اليوم، مجرد لقاء تنظيمي لحزب سياسي يقطع سنته ال50 من التواجد في الساحة السياسية والنضال من أجل الشرعية والحريات السياسية والمدنية، لكنه يمثل علامة فارقة وخطا فاصلا بين مرحلتين في تاريخ الحزب، فهو المؤتمر الذي سيبدأ من خاله التأريخ لمرحلة ما بعد حسين آيت أحمد، وهو المؤتمر الذي سيعلن فيه الزعيم التاريخي تنحيه عن رئاسة الحزب الذي أنشأه ويقوده منذ عام ,1963 واعتزاله العمل السياسي الحزبي، استجابة لما وصفها ب''ضرورات الطبيعة الإنسانية ودورة الحياة''. ورغم أن اعتبارات كثيرة ستدخل في حساب مرحلة ما بعد آيت أحمد، أبرزها البحث عن خليفة له، ضمن هيئة رئاسية اهتدت إليها قيادة الحزب، تتشكل من خمسة قيادات، تم تداول بشأنها عدة أسماء أبرزها الوزير السابق للتجارة والخبير في برنامج الأممالمتحدة للتنمية، محند أمقران شريفي وأحمد جداعي وعلي العسكري وأحمد بطاطاش ورشيد حاليت وكريم بعلول وآخرون من قيادات الجيل الجديد. وحدد مشروع القانون الأساسي آلية الانتخاب لهذه الهيئة من المؤتمر بقوائم مغلقة عبر الاقتراع، تضم كل منها خمسة مرشحين، ومنح القانون الأساسي للهيئة الرئاسية سلطة تعيين السكرتير الأول، وتمارس مهامها في إطار جماعي، وشدد على ضرورة استدعاء مؤتمر استثنائي في حال تقلص عدد أعضائها إلى أقل من ثلاثة، كما اقترح اعتبار يوم السابع أفريل يوما للمناضل، و29 سبتمبر يوما لشهداء الديمقراطية. إلا أن الرهان الذي يطرح الآن في السياقات السياسية الراهنة، يرتبط بالبحث عن أدوات إعادة تأسيس الحزب وفق قواعد العمل السياسي في المرحلة الجديدة، وفي مناخ ومطالبات وظروف لا تحتكم إلى نفس معطيات الظروف السابقة، والقدرة على الانعتاق من كارزماتية الزعيم التي كانت تحكم قبضتها السياسية والأخلاقية على الحزب والتحول إلى شرعية المؤسسات داخل الحزب. وليس هذا الرهان الرئيس للمؤتمر الخامس للأفافاس فقط، لكن رهانا آخر يفرض نفسه، يتصل بقدرة المؤتمر على التوصل إلى إعادة بعث الروح الانتقادية، ونفس المعارضة القوية التي كان يتمتع بها الحزب خلال العقود الماضية، وإعادة رسم المعالم السياسية التي تحدد توجهات ومواقف الحزب، بعد فترة من الارتباك الداخلي الذي شهده الأفافاس، نتيجة انشقاقات كوادر عن الحزب من جهة، ومن جهة أخرى مضايقات السلطة وهبوط مستوى المنافسة السياسية في الجزائر. ولا يختلف اثنان على حاجة الساحة السياسية في الجزائر إلى جبهة القوى الاشتراكية كحزب قوي يمتلك تقاليد سياسية ورصيدا تاريخيا، لكن الأمر صار الآن بين أيدي ألف مندوب سيحضرون المؤتمر، وسيحددون بوصلة الحزب وتوجهاته، بعد عودة الأفافاس إلى الانخراط في مسار الانتخابات التشريعية التي غاب عنها منذ تشريعيات ,1997 وعشية انتخابات رئاسية في .2014