حنون الوحيدة التي صمدت وجاب الله تدحرج في ثلاثة أحزاب بإعلان الزعيم التاريخي لحزب جبهة القوى الاشتراكية، حسين آيت أحمد، تنحيه عن رئاسة الأفافاس، ''استجابة لدورة الحياة، وضرورة تسليم المشعل لقيادات جديدة''، يكون عقد الستة قد اكتمل، ففي أقل من سنة، وفي خضم الاستعدادات للانتخابات الرئاسية المقررة في أفريل ,2014 عصفت التحولات السياسية في الجزائر بستة قيادات حزبية سيطرت على المشهد السياسي خلال العقد الأخير في الجزائر. قبل أكثر من سنة، أعلن مؤسس وزعيم حزب التجمع الجمهوري، رضا مالك، تنحيه من قيادة الحزب، بسبب ''رغبته في منح الفرصة للجيل الجديد''، وبسبب تقدمه في السن، ووجد رضا مالك نفسه مجبرا على التخلي عن قيادة الحزب الذي دخل منذ سنوات في غيبوبة سياسية. وقبل آيت أحمد ورضا مالك، كان زعيم حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، سعيد سعدي، قد قرر الانسحاب الطوعي من قيادة الحزب خلال مؤتمر الحزب الذي عقد في مارس ,2012 وبرر سعدي قراره ب''ضرورة حصول التداول في قيادة الحزب، ومنح الفرصة للكوادر الشابة لتحمل مسؤولياتها''. ودفع الصراع الحاد بين أقطاب جبهة التحرير الوطني بالأمين العام للحزب، عبد العزيز بلخادم، إلى خارج قيادة الحزب، بعد خلافات عنيفة مع معارضيه، خلال هزيمته في معركة الثقة خلال دورة اللجنة المركزية للحزب التي انعقدت نهاية شهر جانفي الماضي. وبالصورة نفسها تقريبا، اضطر الأمين العام لحزب التجمع الوطني الديمقراطي، أحمد أويحيى، إلى تقديم استقالته من منصبه، بعدما واجه انشقاقا حادا داخل الحزب، بعد تمرد عدد من الكوادر عليه، وقدم أويحيى استقالته في التاسع جانفي الماضي، وقال في رسالة الاستقالة إنه ''وجد أن هذا القرار هو الوحيد الذي يمكن أن يخدم وحدة الحزب''. ولم ينته الفصل الأول من السنة الجارية ,2013 حتى أعلن رئيس حركة مجتمع السلم، أبو جرة سلطاني، تنحيه عن رئاسة الحركة، وانسحب طواعية من الترشح لعهدة ثالثة في قيادة الحركة خلال المؤتمر الخامس الذي عقد أول ماي الجاري. وطلب سلطاني الإعفاء من المؤتمرين، وقال إنه ''يؤمن بالتداول الهادئ على القيادة والسلطة، وأن حزبه جدير بتكريس هذا السلوك السياسي''. وبخلاف هذه القيادات، مازالت زعيمة حزب العمال، لويزة حنون، الوحيدة بين القيادات السياسية التي صمدت إزاء كل التحولات والمتغيرات السياسية الطارئة في البلاد، وأبقت على نفسها في المقعد المتقدم وفي أعلى هرم الحزب، بل وتقدمت من ناطقة باسمه إلى أمينته العامة، على عكس عبد الله جاب الله الذي رفض الخروج من المشهد، وتدحرج بين ثلاثة أحزاب أسسها حتى الآن، وهي حركة النهضة ثم الإصلاح ثم التنمية والعدالة. صعود القيادات الشابة وفي مقابل تنحي الزعامات الحزبية، تشهد الجزائر صعود قيادات شابة إلى أعلى هرم قيادة أكبر الأحزاب السياسية في الجزائر، قبل سنة عن أبرز استحقاق انتخابي، وهو الانتخابات الرئاسية المقررة في أفريل .2014 وصعد عبد الرزاق مقري إلى رأس قيادة حركة مجتمع السلم، بعد ربع قرن من قيادة الحركة من قبل مؤسسها الشيخ محفوظ نحناح، حتى ,2003 ثم أبو جرة سلطاني حتى المؤتمر الخامس. وصعد محسن بلعباس، وهو شاب لا يتجاوز 45 سنة، إلى هرم قيادة التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية ويعد محسن بلعباس من القيادات الشابة التي كانت تدير النشاط الطلابي في الجامعة، وارتقى إلى قيادة الحزب بعد تنحي مؤسس الحزب سعيد سعيدي في المؤتمر العام الذي جرى في مارس .2012 وصعد ساحلي إلى قيادة حزب التجمع الجمهوري، وهو أستاذ شاب في الجامعة، وعين في سبتمبر الماضي في الحكومة كوزير منتدب مكلف بالجالية في الخارج. كما تسلم كمال بن سالم قيادة حزب التجديد الجزائري بعد استخلافه لوزير التجارة الأسبق، ويقود سفيان جيلالي، وهو شاب من الجيل السياسي الجديد، حزب ''جيل جديد''، ويعارض بشدة ترشح الرئيس بوتفليقة لعهدة رئاسية رابعة. ويدير جمال بن عبد السلام، وهو من الكوادر الشابة المنشقة عن حركة الإصلاح، حزب ''الجزائرالجديدة''، كما أسس عدد من الشباب أحزابا سياسية منذ إقرار قانون الأحزاب السياسية الجديدة في جانفي ,2012 بينها حزب الشباب بقيادة حمانة بوشرمة، ونعيمة صالحي التي أسست حزب ''العدل والبيان''. ويعتقد الباحث محمد بغداد، مؤلف كتاب ''النزعة الانقلابية في الأحزاب الجزائرية''، أن ''تولي القيادات الشابة الأحزاب لا يعني حصول تجديد حقيقي داخل الأحزاب السياسية في الجزائر''. ويرى بغداد أن ''تنحي القيادات الحزبية لم يتم بالطرق والأساليب الديمقراطية والأعراف القانونية لأحزابها، وإن كانت الحالات متباينة ومختلفة حسب ظروف كل حزب، فزعيم الأفافاس آيت أحمد تم الانقلاب عليه من طرف الجيل الجديد انطلاقا من استغلال سنه المتقدم، وفقدان مبررات وجوده في الساحة الحزبية، أما أبو جرة سلطاني فقايض رئاسة الحركة بالترشح للرئاسيات، وأويحيى وبلخادم فقد تنحيا بسبب الخريطة الجديدة للتوازنات القادمة للساحة التي تتطلب خروجهما من الساحة، ربما لفترة، وفي أغلب التوقعات الخروج النهائي''.