يجتهد عمالقة الإنترنت من "غوغل" و"فيسبوك" إلى "ياهو" و"نغا" للتأقلم مع عالم إلكتروني يسعى فيه الإنسان وراء الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية بدلاً من أجهزة الكمبيوتر التقليدية. فشركة «زينغا» الرائدة في الألعاب الاجتماعية والتي عرفت الشهرة بإصدار ألعاب خاصة بموقع «فيسبوك» الإلكتروني قررت التخلي عن خمس موظفين تقريباً من أجل التركيز على ألعاب مخصصة للأجهزة المحمولة. وفي «ياهو!»، قررت الرئيسة التنفيذية ماريسا ماير التي تولت منصبها السنة الماضية اعتماد استراتيجية جديدة تقضي بإصدار خدمات مخصصة للهواتف الذكية والأجهزة المحمولة. وعزي أداء سهم «فيسبوك» السيئ في الأيام الأولى من تداوله السنة الماضية في البورصة إلى المخاوف المتعلقة بافتقاره لأدوات تسمح له بالاستفادة مادياً من الأعضاء الذين يتصلون أكثر فأكثر بشبكة التواصل الاجتماعي بواسطة الأجهزة المحمولة. أما «غوغل» فأصدرت نظام «أندرويد» التشغيلي الخاص بالأجهزة المحمولة الذي يعرض برنامجها المعلوماتي وخدماتها على الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية. ويعتبر بعض المحللين ان النظارات المتصلة بالإنترنت والسيارات التي تقود نفسها بنفسها التي أصدرتها «غوغل» التي تتخذ من كاليفورنيا مقراً لها هي خطوة ذكية للتأقلم مع نمط الحياة الإلكتروني. وقال المحلل روب اندرلي: «إن النظارات تزيد قيمة مستخدمي الأجهزة المحمولة لأنها تسمح لنا بأن نعرض لهم الإعلانات وهم يمشون وأن نحدد موقعهم». وأضاف: «في السيارات التي تقود نفسها بنفسها، لوحة القيادة عبارة عن جهاز لوحي ضخم. فإذا كانت السيارة تقود والمستخدم يشعر بالضجر، يمكنه أن يستعمل لوحة القيادة». وبالتالي، فإن الشركات التي تعتمد على مواقع إلكترونية يزورها المستخدمون بواسطة أجهزة الكمبيوتر المكتبية أو المحمولة قد تصبح متأخرة عن غيرها في حال لم تستجب لحاجات مستخدمي الإنترنت الذين باتوا يفضلون التطبيقات المتوافرة على الهواتف الذكية أو الأجهزة المحمولة. وتظهر الإحصاءات أن الناس يتجهون بقوة إلى التطبيقات ويبتعدون عن المواقع الإلكترونية التقليدية، بحسب المحلل فان بيكر من شركة «غارتنر». وقال بيكر: «من المهم الاستجابة لحاجات مستخدمي الأجهزة المحمولة، فعامل القوة في السوق حالياً هو الهاتف الذكي لأن الناس يحملونه أينما ذهبوا». وليست الأجهزة التي يفضلها مستخدمو الإنترنت الوحيدة التي تتغير، بل أيضاً سلوك هؤلاء المستخدمين. إذ أظهرت دراسة أجرتها شركة «غارتنر» أن مستخدمي الهواتف الذكية يتصلون بالإنترنت حوالى 20 مرة في اليوم لمدة دقيقة تقريباً كل مرة، في مقابل 4 مرات في اليوم لمدة 35 دقيقة كل مرة على أجهزة الكمبيوتر التقليدية. وقال بيكر: «إنه تحد كبير لأن سلوك المستخدم على الهاتف الذكي يختلف كثيراً عنه على الكمبيوتر»، شارحاً أن المستخدم بات يبحث عن السرعة عند تصفح الإنترنت. وبما أن الهواتف الذكية تحديداً لديها شاشة صغيرة، فقد تشكل الإعلانات عليها مصدر إزعاج للمستخدم. ويعتبر المحللون أن شركات الإنترنت لا تستطيع التركيز على الأجهزة المحمولة وحدها أو أجهزة الكمبيوتر التقليدية وحدها، بل عليها أن تقدم خدمات تلائم الاثنتين. ويقول المحلل تشارلز غولفين من شركة «فورستر»: «من الصائب التركيز على الأجهزة المحمولة أولاً، لكن ليس عليها وحدها».
ويضيف أن الشركات: «عليها أن تمكن المستخدم من النفاذ إلى خدماتها في الزمان والمكان اللذين يريدهما وبواسطة الجهاز الذي يكون في يده في تلك اللحظة».