تشهد محطات البنزين في العديد من ولايات غرب البلاد، هذه الأيام، حالة من الفوضى وطوابير لا متناهية، إضافة إلى ملاسنات ومناوشات حادة داخل المحطات بين أصحاب المركبات وعمالها، ما استدعى تدخل أعوان الأمن خلال الفترة الليلية لتنظيم المركبات ووضع حد للفوضى. تعود أسباب هذه الظاهرة إلى أزمة المازوت وغيرها من أنواع وقود السيارات والشاحنات، التي امتدت حتى إلى ولاية وهران، حيث تشهد ندرة غير مسبوقة لأسباب تبقى مجهولة. وقد تزامنت هذه الأزمة مع بداية موسم الحصاد الذي يعرف استهلاكا كبيرا للمازوت الذي تستعملها آلات الحصاد وكذا الجرارات والشاحنات التي تنقل الحبوب من الحقول إلى مراكز التخزين. وقد أدت أزمة المازوت التي تشهدها هذه الأيام مختلف مناطق ولاية تلمسان، إلى تأخر عملية الحصاد، إذ غادرت الولاية مجموعة كبيرة من الحاصدات القادمة من ولاية عين تموشنت، بسبب نقص مادة المازوت، حيث كانت تقوم بعملية الحصاد بمنطقة سيدي الجيلالي والمناطق المجاورة لها، ولم يجد أصحابها الكمية التي تسمح لهم بمواصلة العمل، ما ولد حالة من الغضب عند الفلاحين الذين يخشون على منتوجهم في ظل اشتداد درجة الحرارة، في الوقت الذي ظلت تعاونية الحبوب بتلمسان تتغني بتوفير كامل الإمكانات اللازمة التي من شأنها أن تنجح الموسم الفلاحي. وفي ولاية معسكر أبدى أصحاب المركبات امتعاضهم من هذه الحالة التي انعكست سلبا على نشاطاتهم خاصة المركبات ذات الوزن الثقيل وحافلات نقل المسافرين، حيث يضطرون للمكوث لعدة ساعات داخل المحطات ينتظرون دورهم لملء خزانات مركباتهم. من جانب آخر، أبدى منتجو الحبوب على مستوى الولاية تخوفهم من استمرار الندرة التي تزامنت مع حملة الحصاد والدرس، حيث تسببت هذه الأزمة في فرملة الانطلاقة. كما تخوف منتجو الحبوب من اندلاع الحرائق بسبب موجة الحر الكبيرة التي تشهدها الولاية هذه الأيام، ما دفع بهم إلى الاستنجاد بولايات مجاورة لاقتناء المازوت بعدما توقفت آلات الحصاد. وأرجع مدير الطاقة والمناجم لولاية معسكر، في تصريح ل"الخبر”، سبب الأزمة إلى ارتفاع الطلب على هذه المادة والاستهلاك المفرط لها، رغم أن الكمية الممنوحة من مركزي تموين أرزيو وسيدي بلعباس ارتفعت بنسبة 13 بالمائة مقارنة بالسنة الفارطة، كما نفى الإشاعات التي مفادها أن الحكومة تفكر في رفع سعر المازوت أو المواد الأخرى، وقال “لم نسجل أي عجز في التموين في الدوائر الأخرى ماعدا وسط مدينة معسكر”. وفي ولاية غليزان، تسود وسط الفلاحين وأصحاب المركبات، حالة استياء وتذمر كبيرين من النقص الفادح في البنزين والمازوت بمحطات الخدمات، وهو ما حذا بالعديد منهم إلى الاستنجاد بمحطات البلديات المجاورة، لاسيما منها محطة الخدمات بالطريق السيار شرق غرب ببلدية يلل. وتعيش عاصمة الولاية غليزان، أزمة خانقة في التزود بالمادتين، منذ الخميس المنصرم، حيث رفع أصحاب المحطات “الأنابيب”، في إشارة لانعدام هذه الطاقة. وقد تزامنت هذه الندرة مع موسم الحصاد والدرس، حيث وجد الكثير من أصحاب الحاصدات والجرارات مشكلا في توفير “المازوت”، لاسيما أن عتادا كبيرا قد سخر للحملة. نفس الأزمة تعيشها بلدية سيدي امحمد بن علي وما جاورها، حيث أجبر أصحاب المركبات على الجري في كل الاتجاهات للحصول على المادتين، متسائلين عن سبب ندرتها بمنطقتهم، وتوفرها بالشكل العادي بمحطات ولاية الشلف على سبيل المثال، علما أن هذه الأزمات ليست بالجديدة على محطات التوزيع بالبلدية.