أكّد الباري صيام هذا الشّهر، لأنّ فيه تنزل الرّحمة الإلهية على العباد، وأنّه تعالى لا يريد بعباده إلاّ اليُسر والسهولة، ولذلك فقد أباح للمريض والمسافر الإفطار في أيّام رمضان. قال تعالى: {..أيّامًا معدودات فمَن كان منكم مريضًا أو على سفر فعِدَّةٌ من أيّام أُخَر، وعلى الّذين يُطيقونَهُ فِدْيَةُ طعام مساكين. فمَن تَطَوَّع خَيْرًا فهو خيْرٌ له وأنْ تصوموا خيرٌ لكُم إنْ كنتم تعلمون. شهرُ رمضانَ الّذي أُنْزِلَ فيه القُرآن هُدًى للنّاس وبَيِّنَات من الهُدَى والفُرقان فمَن شَهِد منكُم الشّهر فَلْيَصُمه ومَن كان مريضًا أو على سَفَر فعِدَّةٌ من أيّام أُخَر يُرِيدُ اللّه بِكُم اليُسْرَ وَلاَ يُريدُ بكُم الْعُسْر وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّة ولِتُكَبِّرُوا اللّه على ما هَدَاكُم ولعَلَّكُم تَشكرون} البقرة:184-185. وفي السنّة المطهرة ما يفسّر هذه الأحكام: لقد روى ابن جرير عن معاذ بن جبل رضي اللّه عنه أنّه قال: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قدم المدينة فصام يوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر، ثم إن اللّه عز وجل فرض شهر رمضان، فأنزل اللّه تعالى ذكرُه: {يا أيُّها الّذين آمنوا كُتِبَ عليكُم الصّيام} حتّى بلغ {وعلى الّذين يُطيقونَه فِدْيَة طعام مساكين} أو {مسكين} على رواية حفص، فكان مَن شاء صام، ومَن شاء أفْطَر وأطعم مسكينًا. ثمّ إنّ اللّه عزّ وجلّ أوجَب الصّيام على الصّحيح المقيم وأثبت الإطعام للكبير الّذي لا يستطيع الصّوم، فأنزل اللّه عزّ وجلّ {فمَن شَهِد منكُم الشّهر فَلْيَصُمه}.