استهداف مقرات أمنية في رفح والعريش، وفي الصعيد وقبائل أولاد علي في غرب مصر، يعلن عدم اعترافها إلا بالرئيس مرسي، وتهديد بإعلان الاستقلال في عدد من المحافظات، هل مصر على أبواب حرب أهلية؟ لا ينبغي أن نبالغ في ما يجري في سيناء، لأن ذلك ليس مرتبطا بعزل الرئيس مرسي بقدر ما هو مرتبط بالعديد من العوامل، فأنصار السلفية الجهادية يراقبون جزءا من سيناء وحماس تراقب الوضع في سيناء وتعتبر ذلك خدمة لجماعة الإخوان في مصر، لذلك ما جرى في سيناء هو استمرار لما عرفته منذ 2011، أما ما يجري في الصعيد فهو ردود فعل، منها ما هو مرتبط بعزل مرسي، وبعض من ينتمون لجماعة الإخوان في الصعيد يحملون السلاح ويهاجمون مقرات الشرطة، وهم بذلك يسيئون فهم تمسك مرسي بالشرعية، بالإضافة إلى أن جزءا من السلفيين منذ عقود كانوا ينتمون إلى جماعات متطرفة كانوا يلجأون إلى مهاجمة الشرطة، فضلا على أن بعض المواجهات كانت تأخذ طابعا طائفيا بين الإسلاميين والأقباط، وقراءة الوضع الأمني في مصر ينطلق من الوضع في المدن الكبرى كالقاهرة والإسكندرية. ولكن ليلة الجمعة وقع عدد كبير من الجرحى في محافظة الشرقية القريبة من القاهرة في مواجهات بين المتظاهرين المناصرين لمرسي ومسلحين أطلقوا عليهم النار وأوقعوا 155 جريح، ألا يعني ذلك أن الجيش لم يتحكم في الوضع؟ هذه المواجهات لا تختلف عما وقع في 2011 في عهد المجلس العسكري ولم توقع كثيرا من الجرحى فقط، بل حتى القتلى، كما جرت نفس المواجهات بعد الانتخابات البرلمانية التي فاز فيها الإخوان المسلمون وحزب الحرية والعدالة، وبعد الانتخابات الرئاسية، فمصر منذ 2011 تبلورت فيها ثقافة الاحتجاجات، فكل الأطراف في مصر تدعو للنزول إلى الشارع، فمن الطبيعي أن تقع مثل هذه المواجهات خاصة أن جماعة الإخوان لم تستوعب ما حدث، وبعض أفرادها لم ينضبطوا وهناك لحظات مفصلية قد تؤدي إلى خروج بعض أفرادها عن الجماعة، الخوف لا يأتي من جماعة الإخوان لأنها مراقبة من السلطة التي استطاعت في ظرف سريع إلقاء القبض على معظم إطاراتها وقياداتها، والخوف أن يقرأ بعض الأنصار قراءات خاطئة قد تدفعهم للابتعاد عن جماعة الإخوان واللجوء إلى العنف وسيجدون بيئة حاضنة في الجماعات المتطرفة في سيناء. صحيفة “واشنطن بوست” تحدثت عن احتمال تكرار نفس السيناريو الأرجنتيني والتايلندي في مصر عندما خرج الناس للتظاهر لمطالبة العسكر بإزاحة رئيس منتخب، وبعد الانقلاب تظاهر أنصار الرئيس المنتخب وأرجعوا الشرعية، هل نحن أمام نفس السيناريو؟ "لا قياس مع وجود الفارق”، فما جرى في الأرجنتين لم يكن هناك إجماع حول الانقلاب الذي وقع ضد رئيس منتخب، لذلك اضطر الجيش للتراجع وإعادة الرئيس الشرعي إلى الحكم، أما في مصر فالأمر يختلف، فالإخوان المسلمون في ظرف عام من الحكم تسببوا في توحيد الخصوم ضدهم، أعتقد أن القوى السياسية بصدد قراءة هذه التجربة، والحديث عن 22 مليون توقيع و30 مليون متظاهر سيستغل لإصدار قانون لحظر جماعة الإخوان المسلمين بعدما حلها جمال عبد الناصر ولكنها بقيت موجودة في الواقع.