مشهد رمضان من المشاهد الحيّة في حياة المسلمين، وهذا من توفيق الله تعالى وفضله. فمشاهد الخير وأيّام الطّاعة، إذا تحقّق للمسلم شهودُها، كان ممتنًّا بنِعم الله وفضله، وشهر رمضان من هذه المشاهد العظيمة في حياة المسلمين، ينتظرونه في كلّ عام مرّة، ويشهدون بلقياه عظيم الفرحة في قلوبهم. لقد كان الحبيب صلّى الله عليه وسلّم يَعُدُّ شهودَ هذا الشّهر من نِعم الله تعالى فيُبَشِّر به عند قدومه، حيث جاء عنه صلّى الله عليه وسلّم أنّه كان يقول: “قد جاءكم شهر رمضان، شهر مبارك افترض الله عليكم صيامه، تفتح فيه أبواب الجنّة، وتُغلَق فيه أبواب الجحيم، وتُغلّ فيه الشّياطين، فيه ليلة خير من ألف شهر من حُرم خيرها فقد حُرم”. وفي صحيح السنّة ما يُبيِّن بجلاء فضائل عظيمة تصحب هذا الشّهر وتحلّ مع قدومه، وهي كثيرة عظيمة نسوق بعضًا منها: الصّيام يغفر الذّنوب ويكفِّرُ السّيِّئات، قال صلّى الله عليه وسلّم: “مَن صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفِر له ما تقدّم من ذنبه”. أنّ الله تعالى خَصَّ نفسه بجزاء الصّوم دون غيره، قال صلّى الله عليه وسلّم: قال الله تعالى: “كلّ عمل ابن آدم له إلاّ الصّوم فإنّه لي وأنا أجْزِي به”. يَشفَع لصاحبه يوم القيامة، قال صلّى الله عليه وسلّم: “الصّيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصّيام: أي ربّي مَنعتُه الطعام فشفِّعني فيه، ويقول القرآن منعتُه النّوم باللّيل فشفِّعني فيه، قال: فيشفعان”. الصّوم وقاية وحجاب من النّار، قال صلّى الله عليه وسلّم: “الصّيام جُنَّةٌ يستجن بها العبد من النّار”. خُلُوفَ فمّ الصائم أطيبُ عند الله من ريح المسك، قال صلّى الله عليه وسلّم: “لَخُلُوفُ فمّ الصّائم أطيب عند الله من ريح المسك”. للصّائم فرحتان: فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربّه. جعل الله للصّائمين بابًا خاصًا يدخلون منه يوم القيامة، قال صلّى الله عليه وسلّم: “إنّ في الجنّة بابًا يقال له: الرَّيَّان يدخُل منه الصّائمون يوم القيامة لا يدخل منه أحد غيرهم، يقال: أين الصّائمون فيقومون فيدخلون، فإذا دخلوا أُغْلِق فلَم يدخل أحد”. العمرة فيه تَعْدِلُ حَجَّةً، ففي الموطأ: جاءت امرأة إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم ّفقالت: إنّي قد كنت تجهّزتُ للحجّ فاعْتَرَضَ لي، فقال لها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “اعتمري في رمضان، فإنّ عمرة فيه كحجة”. فلنتأمّل هذه البشائر والفضائل العظيمة بقدوم هذا الشّهر المبارك لنلتمس تلك الفرحةَ وهي تخالج قلوبنا وتسكن أفئدتنا، ولنعلَم أنّ المِنَح عطايا، والفضل مكرمات، وأيُّ منحة، وأيُّ فضل أعظم من شهود هذا الشّهر الكريم. إمام مسجد عمر بن الخطاب بن غازي - براقي