ترأس، أمس، الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، اجتماعا لمجلس الوزراء، هو الأول من نوعه بعد تسعة أشهر كاملة من الانقطاع، وخمسة أشهر من مرضه. واجتمع الرئيس مع طاقم حكومة سلال في "حلتها" الجديدة، ومنح الأسبقية للمصادقة على مشروع قانون المالية 2014 ومشروع قانون السمعي البصري، كما أعطى توجيهات للتحضير للاستحقاق الرئاسي المقبل، وأخرى تتعلق بإنجاح لقاء الثلاثية الشهر الداخل. على غير العادة، لم تصور كاميرا التلفزيون الجزائري، صورة الرئيس بوتفليقة وهو يهم بالدخول إلى القاعة التي عقد بها مجلس الوزراء بمقر رئاسة الجمهورية، رفقة الوزير الأول عبد المالك سلال. وبدا ذلك أيضا من خلال الصورة التذكارية التي التقطت مع الوزراء، حيث كان الرئيس جالسا على كرسي، متوسطا بروتوكوليا، كل من عبد المالك سلال وقائد أركان الجيش الفريق ڤايد صالح ووزير العدل يمينا ووزراء السيادة: الداخلية، الطيب بلعيز والخارجية رمطان لعمامرة والمالية كريم جودي، يسارا. كما أظهر فيديو الصورة التذكارية، الرئيس بوتفليقة، في لحظة من اللحظات يهم بالوقوف. وظهر الرئيس في الصور داخل قاعة الاجتماعات، يدقق النظر في أرجاء القاعة بمسحة أعين طالت الوزراء الحاضرين، ويمسك من حين لآخر بملفات على يمينه، كما لوحظ وهو يتكلم إلى من كان بقربه من أعضاء الحكومة الجديدة التي يجتمع بها لأول مرة، وثاني مرة بالنسبة للوزير الأول عبد المالك سلال منذ تعيينه خلفا لأحمد أويحيى في إطار مجلس الوزراء. وصادف انعقاد مجلس الوزراء، الذكرى الثامنة للاستفتاء على ميثاق السلم والمصالحة الوطنية (29 سبتمبر 2005)، بصرف النظر إن كان ذلك قصدا أم صدفة. ومعلوم أن اجتماع الرئيس بأعضاء الحكومة كان مرتبا، الأربعاء الماضي، قبل أن يؤجل لأسباب لازالت غير معروفة، وإن ربطها البعض بالوضع الصحي للرئيس وفتح باب التأويلات على مصراعيه، فيما ترددت إشاعات بأن الرئيس نقل إلى سويسرا للعلاج. ودرس مجلس الوزراء ووافق على سبعة مشاريع نصوص تشريعية، ويتعلق الأمر بمشروع قانون يعدل ويتمم الأمر رقم 66 المؤرخ في 8 جوان 1966، والمتضمن قانون العقوبات ومشروع أمر يتعلق بمكافحة التهريب ومشروع قانون المالية لسنة 2014، ومشروع قانون يتضمن تسوية ميزانية النشاط لسنة 2011. كما تمت الموافقة على مشروع قانون يتضمن قانون المناجم ومشروع قانون، يتعلق بأنشطة وسوق الكتاب، بالإضافة إلى مشروع قانون يتعلق بالنشاط السمعي البصري. كما درس المجلس ووافق على مشروع مرسوم رئاسي يرخص اكتتاب الجزائر في إعادة التشكيل السادس عشر لموارد الجمعية الدولية للتنمية، بالإضافة إلى أربعة مشاريع أوامر رئاسية تتضمن الموافقة على عقود وملحقات للتنقيب عن المحروقات واستغلالها. كما تمت الموافقة على مشروع قانون حول محاربة ظاهرة الإجرام التي تطال الأطفال. ودعا رئيس الجمهورية، حسب بيان لرئاسة الجمهورية أوردته وكالة الأنباء الجزائرية، إلى ضرورة اتخاذ كافة الإجراءات لتمكين البلاد من تحضير الاستحقاقات السياسية القادمة في ”أحسن الظروف”، مؤكدا على ضرورة ”اتخاذ كافة الإجراءات والتدابير اللازمة قصد تمكين البلاد من الإقبال في أفضل الظروف على الآتي من الاستحقاقات السياسية”، ويعني هذا الكلام أن الرئاسيات المقبلة ستجري في وقتها. وقال الرئيس إن ”طموحنا كبير، لكنه طموح في حجم الجزائر وتطلعات أبنائها”. وأضاف مخاطبا أعضاء الحكومة: ”إنني أنتظر من كل منكم العمل والالتزام والتفاني”. ودعا بوتفليقة جميع مؤسسات الجمهورية، ومنها الحكومة، إلى ضرورة الإصغاء للمجتمع وتطوير القنوات الملائمة للحوار مع جميع مكوناته، مشددا على أهمية أن تكون جميع مؤسسات الجمهورية، ومنها الحكومة بوجه خاص، في ”الإصغاء دوما” للمجتمع. وقال الرئيس بوتفليقة إن ”الجزائر اليوم قوية باستقرارها واستقرار مؤسساتها”، مؤكدا على ضرورة ”مضاعفة الجهد” من أجل أن ”نترك لأبنائنا بلدا مزدهرا اقتصاديا”. واعتبر رئيس الدولة أن تحقيق هذا المسعى ”يقتضي وجود إدارة ناجعة وشفافة عمادها خدمة عمومية عصرية عالية الجودة وخالية من آفات البيروقراطية”، مشيرا إلى أنه ”من حق المواطن أن يعول على العون العمومي وأن يتعامل معه بثقة”. كما دعا الرئيس، الحكومة إلى التحضير الجيد للقاء الثلاثية المقبل الذي سيركز على تنمية المنظومة الإنتاجية للبلاد، وأكد أنه على الحكومة ”توخي الدقة في تحضير لقاء الثلاثية المقبل الذي سيخصص لتنشيط التنمية الاقتصادية الوطنية المبنية على تدعيم إطار ترقية المقاولة الوطنية التي تشكل المصدر الأول لخلق الثروة ومناصب الشغل، ولدفع النمو قدما”. وأوضح أن جلسات الثلاثية التي ستجتمع يوم 10 أكتوبر القادم، مدعوة لأن ”تكفل تعزيز فضائل الحوار والتشاور بين سائر الفاعلين المعنيين بمهمة تجديد منظومة البلاد الإنتاجية”، حسب نفس المصدر. كما ذكر بأن تنمية المنظومة الإنتاجية للبلاد تشكّل ”محورا أساسيا ينبغي أن تجتمع حوله مجمل المساعي القطاعية”، حسب بيان الرئاسة، معتبرا أن ”الجهود الجبارة” التي بذلت في قطاع الفلاحة ”لابد أن تفضي إلى نتائج ملموسة في مجال تحسين الإنتاج من حيث النوع والكم ضمانا لأمن البلاد الغذائي”.