تباينت آراء العاملين في حقل الكتاب، بخصوص مواقفهم من نص مشروع قانون الكتاب الذي أعدته وزارة الثقافة، فبينما يرى أحمد ماضي، رئيس نقابة ناشري الكتاب ومدير دار “الحكمة”، أنه قانون عقابي “تم إعداده في دهاليز الكتاب المغلقة”، قال محمد مولودي مدير دار “الوعي” إن مشروع القانون أغفل المشاكل الحقيقية للقطاع. لكن، من جهة أخرى، يعتبر عز الدين ڤرفي، مدير دار “الشهاب”، وفيصل هومة “مدير منشورات “المعرفة”، أن النص يعتبر بمثابة “ثورة حقيقية في عالم الكتاب”. أحمد ماضي رئيس نقابة ناشري الكتاب المشروع أعدّ في دهاليز الكتاب المغلقة صرح أحمد ماضي أن النقابة الوطنية لناشري الكتب “تلقت بدهشة كبيرة واستغراب شديد، مشروع القانون المتعلق بأنشطة وسوق الكتاب الذي يبشر بعودة الاحتكار ومصادرة الحريات ويخرب المبادرات وينشر العزوف عن المطالعة ويقضي على كل الآمال والأحلام في إقامة استثمارات ثقافية وتأسيس صناعة وطنية للكتاب، تساهم في التنمية الوطنية”. وذكر أحمد ماضي، رئيس النقابة، في بيان تلقت “الخبر” نسخة منه، أمس، أن هذا النص “تم إعداده في دهاليز الكتاب المغلقة، ومن طرف إداريين لا علاقة لهم بعالم الكتاب، بل الأكثر من ذلك، أنه نص قانوني عقابي، موجه إلى إلحاق الضرر الكبير بالمواطن في أقدس حقوقه الدستورية”. ويعتقد ماضي أن إعداد مشروع القانون تم بشكل إقصائي، ولم يتم أخذ بعين الاعتبار آراء ووجهات نظر الكتاب والناشرين والمكتبيين والمستوردين، معتبرا أن “النص يلغي تماما مكانة المجتمع المدني، ويتجاوز توجيهات الدولة، بخصوص الحوار الاجتماعي، ويعود بالبلاد إلى أزمنة التخلف والإشراف البيروقراطي والسيطرة الإدارية المتخلفة”. ولاحظ ماضي أن النص مشروع القانون “يجعل الجزائريين لا يطالعون كتابا ولا يقيمون معرضا ولا يستوردون كتابا ولا ينشرون كتابا، إلا بعد الحصول على تصريح من إدارة وزارة الثقافة، والكل يعلم ماذا يعنيه تصريح إداري”. وختم ماضي أن “النقابة الوطنية لناشري الكتب، تهيب بنواب الأمة وممثلي الشعب، في البرلمان بغرفتيه، إلى الانتباه لتلك المخاطر الكبرى، التي يتضمنها هذا المشروع”. محمد مولودي مسؤول دار الوعي المشروع أغفل المشاكل الحقيقية التي يعاني منها القطاع قال محمد مولودي، مسؤول دار الوعي، إن نص مشروع قانون الكتاب يعتبر خطوة مهمة وإيجابية ينتظرها العاملون في مجال الكتاب منذ عدة سنوات، لكنه حمل في طياته عدة سلبيات ومخاوف، بحكم كونه صدر من مكان واحد، هو وزارة الثقافة دون استشارة الشركاء الحقيقيين. وذكر مولودي أن مشروع نص قانون الكتاب يتضمن أمورا غير مقبولة، منها عدم فتح ورشة نقاش حول هذا الموضوع لاستشارة عدة قطاعات منها وزارة التربية، وزارة التعليم العالي، ووزارة المجاهدين. وأضاف: “هناك شركاء غير مباشرين من المطبعي إلى الموزع والمكتبي والمؤلف والمحقق، هؤلاء لهم مشاكل كبيرة في مهنتهم ولا يحلها سوى القانون”، موضحا: “نحن لسنا بصدد إصدار قانون داخلي لإدارة مؤسسة عمومية، ومن يقرأ نص مشروع القانون يدرك أنه موجه لمؤسسات عمومية للنشر”. وبخصوص مسألة عودة العاملين بالكتاب لوزارة الثقافة من أجل الحصول على تصريح لتنظيم معارض لبيع الكتاب عبر الولايات، قال مولودي: “المقصود هنا هو الإقصاء، وجعلنا نغرق في المشاكل الإدارية، وإضعاف مبادراتنا”. وختم مولودي قائلا: “لقد تم إغفال المشاكل الحقيقية التي يعاني منها القطاع، لأن الوزارة لم تستشر أصحاب المهنة الذين كان بإمكانهم أن يثروا النص باقتراحاتهم، كما لم يتم ذكر دور النقابات المهنية في هذا المشروع كقوة اقتراح وإثراء”. فيصل هومة.. بإمكان المشروع خلق ديمومة في مجال الكتاب وصف فيصل هومة، مدير دار “المعرفة” للنشر، نص مشروع قانون الكتاب بالايجابي، واعتبره بمثابة “ثورة في عالم الثقافة، لأن الكتاب هو أصل أي إبداع نهضوي”. وأوضح هومة بأن نص مشروع القانون بإمكانه أن يسهل للقارئ إيجاد الكتاب في كل ربوع البلاد، وسوف تظهر آثاره الإيجابية قريبا”. وحسب هومة، فإن المشروع يخلق للناشرين ديمومة العمل، ويفتح الآفاق أمام العاملين في الكتاب من منطلق أنه يشجع عملية التوزيع ويضمن وجود المكتبة في كل مكان. وحسب ذات المتحدث، فإن هذا القانون يجعل من المهن المتعلقة بالكتاب أكثر احترافية، وقال :«هذا الاحتراف سوف ينهي ظاهرة الدعم المتعلق بالمناسبات، وبإمكان أي ناشر أن يرسم إستراتيجية على المدى البعيد تضمن له الاستمرار”. عز الدين ڤرفي مدير دار منشورات “الشهاب” نحن أمام ثورة في عالم الثقافة صرّح عز الدين ڤرفي، مدير منشورات “الشهاب”، أن نص مشروع قانون الكتاب يعد بمثابة “ثورة ثقافية حقيقية، من منطلق أننا توصلنا إلى مناقشة مشاكل الكتاب، ولأول مرة من الجذور”. وأشاد ڤرفي بأهم النقاط التي وردت في نص مشروع القانون، منها ما يتعلق بالتأكيد على أن المطالعة تضمنها الدولة الجزائرية وتصبح إجبارية منذ السنة أولى ابتدائي. ومن بين إيجابيات النص، حسب ڤرفي “تشجيعه على إنشاء المكتبات”، وإلزام المؤسسات العمومية باقتناء الكتب في الولاية المتواجدة فيها، وهو ما يؤدي، حسب ذات المصدر، إلى إنهاء احتكار فئة قليلة جدا من مستوردي الكتب. ونوّه صاحب دار “الشهاب” بتركيز نص مشروع القانون على الاستثمار في المكتبة، وخلق “علامة الجودة” التي تمنحها وزارة الثقافة، وهو ما يسهل حسبه عملية توزيع الكتاب وانتشاره.