قال المدون المصري محمد الدهشان إنه ليس متأكدا بشأن ما كانت حكومة الولاياتالمتحدة تأمل في تحقيقه عبر تعليق بعض معونتها العسكرية لمصر، مؤكدا أنه أيا كان ما أرادته واشنطن، فإنها فشلت.وأشار الدهشان في مقال له نشرته مجلة "فورين بوليسي" على موقعها الإلكتروني أمس بعنوان "المشاكل المصرية كثيرة لكن ليس بينها المعونة الأمريكية"، إلى إعلان واشنطن أن الغرض من هذا الإجراء كان دفع المصريين لإحراز تقدم ملموس على صعيد الديمقراطية، قائلا إن هذا الكلام الأمريكي يفتقر إلى الجدية والإقناع.وأوضح الباحث في جامعة هارفارد الأمريكية أن القرار يفتقر إلى الجدية، لأنه لو كان جادا لما اكتفت واشنطن بإلغاء المناورات العسكرية المشتركة وطلبية دبابات مر على إبرامها أربعة أعوام، مرجحا أن أمريكا إنما أرادت الظهور بمظهر المعاقب للحكومة المصرية بقيادة العسكريين.وأشار في هذا السياق إلى بحث الناطق باسم وزارة الخارجية الأمريكية عن كلمات مناسبة يعبر بها للقول "نحن في الحقيقة غاضبون منكم"، وكيف أرسل وزير الخارجية جون كيري إشارات مطمئنة إلى القاهرة، مؤكدا التزام واشنطن بنجاح الحكومة المصرية الحالية، وأن تعليق المساعدات ليس "انسحابا من العلاقة مع مصر".وأوضح الدهشان افتقار القرار الأمريكي إلى الإقناع، بالإشارة إلى أننا على أرض الواقع نستطيع رؤية كيف يصب هذا القرار في صالح ما وصفه ب"حملة العلاقات العامة" للحكومة المصرية؛ إذ يتيح للقادة في مصر ممن يستهويهم المجد الشعبوي الوقوف موقف المتمرد المستقل في وجه مشيئة الإمبراطورية.وعلى الصعيد المصري، أشار المدون إلى أن الحكومة لم تكتفِ بإعلان خطأ القرار الأمريكي شكلا ومضمونا وتوقيتا، لكن يبدو أن وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي، اختار تمرير رسالة للولايات المتحدة عبر الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية كاثرين آشتون، مفادها أن "التهديدات بشأن المساعدات لن تجدي نفعا، نظرا لما تتمتع به مصر من علاقات مع دول مجاورة قادرة على إقالتها من عثرتها المالية".وأشار في هذا السياق إلى التحذير الذي أطلقه رجل الأعمال والداعم للنظام الجديد نجيب ساويرس، من "عدم الاستهانة بكرامة المصريين"، واصفا القرار الأمريكي بأنه "متغطرس".ورأى أنه لكي يتسنى فهم هذا الرد المصري، الذي مفاده "احتفظوا بمساعداتكم لأنفسكم"، فثمة احتياج لفهم عاملين؛ الأول طبيعة المعونة التي تتكون من 1.3 مليار دولار مساعدات عسكرية، بالإضافة إلى 250 مليون مساعدات إنمائية كل عام، حيث أوضح أن القرار الأمريكي إنما يؤثر على تسلم المعدات والمساعدات المالية العسكرية، وليس ثمة ما يهدد أو يدعو إلى قلق القادة في مصر، لاسيما في ظل المساعدات الخليجية للحكومة الجديدة، على نحو جعلها قادرة على الاستغناء عن قروض صندوق النقد الدولي، وعلى اتخاذ مثل هذا الرد التلقائي على الأمريكيين، أما العامل الثاني بحسب الدهشان، فهو سيكولوجية القادة المصريين؛ حيث قال إن الحكومات التي أدارت مصر منذ عام 2011 أظهرت ميلا إلى التضحية بالمكاسب البعيدة في سبيل الاستحسان الجماهيري وتحقيق شعبية على المدى القصير.وأضاف الخبير الاقتصادي أن المجلس العسكري عام 2011 هو من أوقف المفاوضات بشأن قرض صندوق النقد الدولي، والذي كان مفيدا لكنه لم يكن يلقى ترحيبا شعبيا، رغم توصية الخبراء في وزارة المالية، مرجحا أن يعمد القادة العسكريون اليوم إلى اختيار استحسان الشارع مرة أخرى.واختتم الدهشان مقاله في صحيفة "فورين بوليسي" بالقول إنه إذا كانت واشنطن جادة في دفع الحكومة المصرية على طريق الديمقراطية والمشاركة، وإذا كان لابد من استخدام المعونة كسلاح في هذا الصدد، فعليها إذن أن تزيد من ضغوطها فيما يتعلق بتلك المعونة، ليس على الصعيد العسكري، ولكن على صعيد المجتمع المدني.