قرّب موعد الانتخابات الرئاسية المسافات بين العديد من الأحزاب السياسية، رغم اختلاف توجهاتها، بحيث دفعت المؤشرات الأولى عن احتمال ترشح بوتفليقة لعهدة رابعة، مثلما تروج له أحزاب السلطة، إلى خلق جبهة مضادة لتوجهات السلطة تجمع قيادات حزبية من أجل البحث عن “تنسيق” لفرض ثقلها في الاستحقاق الرئاسي المقبل. موازاة مع اصطفاف الأفالان والأرندي وحزب تجمع أمل الجزائر والحركة الشعبية الجزائرية، في الدعوة إلى عهدة رابعة للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، بدأت في المقابل تتشكل جبهة معارضة تضم في صفوفها العديد من الأحزاب والقيادات والشخصيات الوطنية ترمي إلى مواجهة مرشح السلطة في رئاسيات 2014. إذ بعد تشكيل مجموعة ال14 للدفاع عن السيادة والذاكرة التي التقت حول مسألة رفض التعديل الدستوري قبل الرئاسيات، فإن اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية وظهور بوادر عن احتمال ترشح بوتفليقة لعهدة رابعة، خصوصا بعد إعلان ذلك من قبل أحزاب السلطة، توسعت مجموعة ال14 بعد أن التحقت بها تنظيمات وشخصيات أعلنت دخولها المعترك الانتخابي المقبل، وذلك من أجل فرض ثقلها في المعادلة الرئاسية المقبلة وتفادي لعب دور “الأرنب” فيها ومنع الفائز سلفا بها، من خلال اشتراطها توفير الظروف القانونية والشفافية المطلوبة نظير مشاركتها في الاقتراع. لكن حتى وإن لم تتشكل هذه المجموعة بعد كجبهة موحدة كلية من حيث المواقف الحزبية ومتفقة على أرضية عمل مشتركة، وهو ما يتطلب اجتماعات طويلة ومتعددة بالنظر إلى الحساسيات الموجودة بينها، غير أن جلوس العديد من قياداتها حول طاولة واحدة يعد في حد ذاته تحولا في الممارسة السياسية، بعدما ظلت مثل هذه “التكتلات” الحزبية التي تسبق عادة المواعيد الانتخابية، تندثر بسرعة تحت ضغط السلطة وإغراءاتها. وإن فشلت هذه المجموعة في إيجاد مرشح “توافقي”، وهو الهدف الأساسي الذي رسمته لنفسها، بعدما أبدت العديد من الأسماء رغبتها في الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة على غرار سفيان جيلالي ومقري وبن بيتور، فإن التحاق أحزاب جديدة كالأرسيدي بمجموعة ال14 بمعية أرزقي فراد ممثلا لأصحاب مبادرة “احترام آجال الانتخابات ورفض تعديل الدستور قبل الرئاسيات”، تظهر أن معركة هذا التكتل الحزبي ستنصب على تشديد الحصار على السلطة لدفعها إلى تغيير قواعد اللعبة الانتخابية والوصول إلى رئاسيات بدون مرشح فائز سلفا ومن غير ديكور ب«الأرانب”، وهو وراء دعوة بعض التشكيلات الحزبية إلى ضرورة تشكيل لجنة مستقلة لتنظيم الانتخابات وعدم إشراف الإدارة عليها، وهو المطلب الذي رفضه وزير الداخلية الطيب بلعيز. كما دعا رئيس حركة حمس ومرشحها المحتمل للرئاسيات عبد الرزاق مقري إلى ضرورة تعديل قانون الانتخابات بما يسمح بإنهاء هيمنة السلطة على تنظيم الانتخابات. ومن شأن هذه المجموعة التي وصفها مقري ب«اللبنة الأولى”، أن تحدث على الأقل “ظاهرة صوتية”، تقلق حسابات السلطة ولا تتركها طليقة الأيدي، وذلك لدفعها إلى تقديم تنازلات لتحقيق الشفافية والمصداقية حول المواعيد الانتخابية في الجزائر.