شارك أكثر من مائة رئيس دولة وحكومة ومئات السياسيين ومشاهير العالم، أمس، شعب جنوب إفريقيا مراسم تأبين الزعيم الجنوب إفريقي نيلسون مانديلا، في حفل وصفه المراسلون الصحفيون بأنه أكبر حشد لزعماء العالم في التاريخ الحديث، وهو الأمر الذي دفع المتحدث باسم وزارة الخارجية في جوهانسبرغ إلى القول إن ”العالم كله جاء إلى جنوب إفريقيا”، ثم نبه إلى أن عددا محدودا من كبار الشخصيات سيحضر الجنازة الرسمية ومراسم دفن مانديلا الأحد القادم في بلدة أجداده كونو بإقليم الكاب الشرقي. حسب ما أجمعت عليه مختلف برقيات مختلف وكالات الأنباء العالمية، فإن ما يزيد عن المائة ألف شخص اكتظت بهم مدرجات ملعب سوكر سيتي بسويتو بجوهانسبورغ الذي احتضن الوقفة التأبينية للزعيم الراحل، وقد انطلقت مراسم التأبين بكلمة للأمين العام للمؤتمر الوطني الإفريقي وهو الحزب الذي أسسه منديلا ورفاقه وقاد البلاد نحو التحرر من نير العبودية والتمييز العنصري، فرحب بالقادة الذين جاؤوا من أكثر من مائة دولة، قبل أن يدعو ممثلين عن كافة الأديان يتقدمهم مسلمون ومسيحيون إلى الصعود إلى منصة التأبين للصلاة على روح الزعيم التاريخي للبلاد. في ذات المناسبة سجل التاريخ، يوم أمس، أن رئيس الولاياتالمتحدةالأمريكية باراك أوباما قد صافح رئيس الدولة التي ظلت معادية لمختلف الإدارات التي تعاقبت على حكم البيت الأبيض، مثلما ظلوا معادين لها منذ نهاية خمسينات القرن الماضي، وهو الرئيس الكوبي راؤول كاسترو، ما يعني أن القارة الأمريكية تستعد لطي آخر ملفات صراعاتها الداخلية، بعد أن عجزت كل مظاهر ومقومات القوة الجبارة للولايات المتحدة عن تطويع بلد صغير الحجم والإمكانيات، وعن هذه المصافحة علق موقع إخباري كوبي بالقول ”إنها بداية نهاية الاعتداءات المتكررة للإدارة الأمريكية على جزيرة الحرية كوبا”، وبهذه المصافحة يكون مانديلا قد خدم العلاقات الإنسانية في مماته مثلما خدمها في حياته. الرئيس الأمريكى قال في كلمته إن الحرية والديمقراطية التي تحظى بها جنوب إفريقيا الآن هي إرث تركه ”عملاق التاريخ” الزعيم الراحل نيلسون مانديلا، وقال كذلك إنه يشعر بالفخر لمشاركته في مراسم التأبين، مشيدا بشجاعة الراحل وتواضعه، وعن كلمة أوباما دائما تحدثت برقيات عن استخفاف الرئيس الأمريكي بالرؤساء الذين يتغنون بعظمة الرجل وسموه وفي نفس الوقت يقومون بقهر شعوبهم. وسجل المراقبون كذلك غياب رئيس وزراء إسرائيل بنيامين ناتنياهو عن حضور المناسبة، وقد أرجع مدير مكتبه السبب إلى التكلفة العالية للرحلة، لكن أحد الساسة الإسرائيليين كشف أن سبب تغيب رئيس وزراء الدولة العبرية راجع إلى الحرج من الموقف الذي سيتعرض له ناتنياهو في حالة سفره إلى جوهانسبوغ، لأن الزعيم الراحل كانت له مواقف مناصرة للقضية الفلسطينية وتحرر شعبها، المهم في هذه الحادثة أن إسرائيل وجدت نفسها وحيدة وفي موقف فريد لم تقفه أي دولة في العالم، وفي هذا نصر معنوي كبير للقضية الفلسطينية.