من الشُّكر تعظيم النّعمة وإن كانت صغيرة، نظرًا لعظمة المنعم بها تبارك وتعالى، ثمّ إنّ للّه على عبده نعمًا كثيرة لا تُعدّ ولا تُحصى، والعبد عاجز عن إحصائها فضلاً عن القيام بشكرها، قال اللّه تعالى: {وإنْ تَعُدُّوا نعمة اللّه لا تُحصوها إنّ اللّه لغفور رحيم} النّحل:18. وينبغي للإنسان أن لا ينظر إلى من فُضِّل عليه في النّعم على سبيل الغِبطة والاستكثار، فإنّه ربّما يزدري نعمة اللّه تعالى عليه وتحويلها منه، فلا يُعطى الكثير الّذي غبَط عليه أخاه، ويُسلب مع ذلك القليل الّذي قد أعطاه مولاه لتركه الشّكر، وعدم حفظه للأدب مع ربِّه، وفي الحديث: ”انظروا إلى مَن هو دونَكم، فهو أجدرُ أن لا تَزْدَرُوا نعمة اللّه عليكم”، أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة رضي اللّه عنه. وقد فضّل اللّه بعض العباد على بعض لأسرار له في ذلك، وحِكم لا يطّلع عليها سواه، ولمنافع ومصالح لهم لا يحيط بعلمها غيره، فلْيَرضَ العبد بقسمة ربِّه، وليشكره على ما أعطاه من نعمه، وليسأله المزيد من فضله، فإنّ خزائن السّماوات والأرض في قبضته، وجميع الخير بيده، يفعل ما يشاء، وهو على كلّ شيء قدير.