يثير تباهي الحكومة بارتفاع الناتج المحلي الخام للجزائر، ب1.9 بالمائة خلال سنة 2012 سنة إلى 3. 204 مليار دولار، مقابل 3ر199 مليار دولار أمريكي سنة 2011، تساؤلات حول حقيقة ارتفاع هذا الناتج وتسويقه على أنه أحد الإنجازات الاقتصادية التي ينبغي التوقف عندها، لكن الحقيقة عند الخبراء بعيدة عن ذلك. يُعرف الناتج المحلي الخام في مفاهيم الاقتصاد الكلي، على أنه مجموع ما تنتجه مؤسسات بلد ما خلال سنة من النشاط، ونسبة النمو هي الفارق بين ما حققه إنتاج البلد في هذه السنة مقارنة بالسنة التي سبقتها، فنسبة النمو هي الفارق بين ما حققه إنتاج البلد في هذه السنة مقارنة بالسنة التي سبقتها، فإذا زاد نقول “ارتفاع نسبة النمو”، وإذا انخفض “انكماش نسبة النمو”. ويلاحظ الخبير الاقتصادي عبد الحق لعميري في الحالة الجزائرية، أن الناتج المحلي الخام مبني أساسا على الاستثمارات العمومية، وليس الاستثمارات المنتجة، وبالتالي فإن ارتفاعه بنسبة 9 بالمائة، كما تقول إحصاءات الحكومة، ليس سوى عملية “نفخ”، في حين يمثل ارتفاع نسب النمو في الدول التي تمتلك اقتصادا متنوعا وقويا على زيادة حقيقية في الإنتاج. ويفكك الخبير إشكالية المقاربة الجزائرية للنمو القائمة على الاستثمارات العمومية “في الجزائر، تعطي الدولة مشاريع عمومية في السكنات والطرقات للمؤسسات بفضل وجود الأموال المتأتية من الريع البترولي، وهذا يعني عمليا أن رقم أعمال هذه المؤسسات سيرتفع، ويظهر في الأخير كارتفاع في الناتج المحلي الخام، ولكن الحقيقة أن ذلك جاء بفعل أموال البترول فقط”. ويضيف لعميري “عندما تنخفض أسعار النفط، لن يكون بمقدور الاستثمار في المشاريع العمومية، وهذا سيؤدي آليا إلى انهيار الناتج المحلي الخام”، مضيفا “الناتج المحلي الخام مشكل في الجزائر بنسبة 45 بالمائة من إنتاج النفط، ونسبة 55 بالمائة المتبقية، فيها الثلث تقريبا ناتجة عن مداخيل النفط، أضف إلى ذلك أن 70 بالمائة من ميزانية الدولة تأتي من الجباية البترولية، وهو ما يعني أن الناتج المحلي الخام سينهار ب70 بالمائة إذا استغنينا عن المحروقات في موارد الدولة”. ويقول الخبير إن نسبة مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الخام، لا تتجاوز 10 بالمائة، واللافت أن 70 بالمائة منها هي عبارة عن قروض حصلت عليها هذه المؤسسات من البنوك، و30 بالمائة فقط هو من مجهود هذه المؤسسات وتطورها. أما الاستثمارات الأجنبية، فهي ضعيفة جدا ولا تزيد عن 1 مليار دولار. وبشأن ما تقوله الحكومة عن تضاعف الناتج المحلي الخام خمس مرات خلال العشرية الماضية، يرد لعمري “هذا التضاعف ناتج أساسا عن ارتفاع أسعار المحروقات، حيث كان إنتاج المحروقات يعادل 20 إلى 25 مليار دولارا في 1999، أما اليوم فهو يفوق 70 مليار دولارا، ومن الطبيعي أن يظهر الفارق كبيرا في الناتج المحلي الخام، لكن تحليلا بسيطا يظهر أن ارتفاعا في النمو هش ومؤقت وليس حقيقيا”. وحول مساهمة الاستثمار الإنتاجي في الناتج المحلي الخام، يؤكد لعميري أنها تمثل حوالي 22 إلى 24 بالمائة حسب أرقام الحكومة، ولكن الإشكالية هي في عدم انعكاس هذه الاستثمارات على معدل النمو الذي يفترض أن يكون في حدود 9 بالمائة، وليس 3.5 بالمائة الحالية، والسبب في عدم فعالية هذه الاستثمارات راجع إلى مشاكل الإدارة في الجزائر وعدم التحكم في المشاريع العمومية، وضعف القطاع الخاص.