يعيش الشعب الليبي ساعات عصيبة على وقع أزمة ساخنة تنذر ليبيا مجددا بمخاطر الدخول في أتون حرب أهلية غير محمودة العواقب، بعد التهديد بتنفيذ "انقلاب عسكري" هو الثاني من نوعه خلال أسبوع، حيث أعلن رئيس الحكومة الليبية المؤقتة علي زيدان عن التوصل إلى تفاهم مع كتيبة القعقاع، وهي إحدى أقوى المليشيات في ليبيا التي أصدرت بيانا خيّرت فيه أعضاء المؤتمر الوطني العام (البرلمان) بين التخلي عن مناصبهم أو الاعتقال. قال زيدان في تصريح مقتضب للصحافيين مساء أول أمس إنه أجرى محادثات مع مختلف مجموعات الثوار السابقين ومع الأممالمتحدة والمؤتمر الوطني العام، وتم “التوصل إلى تسوية”، مؤكدا أن “الحكمة قد انتصرت”، لكنه لم يقدم أي إيضاحات حول طبيعة هذه التسوية الغامضة. وفي وقت سابق، قال رئيس بعثة الأممالمتحدة في ليبيا طارق متري لوكالة “فرانس برس” إنه التقى قادة ثوار سابقين لإقناعهم “بإعطاء فرصة للحوار السياسي”. وقال قائد كتيبة القعقاع عثمان مليقطة “إن الجماعة ستتحرك قريبا، وتسلم السلطة إلى المحكمة الدستورية، وتشكل لجانا للإشراف على الانتخابات”، قبل أن تتراجع كتيبة القعقاع وتعلن عبر صفحتها على فايسبوك أمس “أن اجتماعًا ضم قادة الثوار ووفدا من بعثة هيئة الأممالمتحدة في ليبيا عُقد، وتم الاتفاق خلاله على منح مهلة 72 ساعة لجميع الأطراف لإيجاد حل نهائي وجذري للأزمة التي تمر بها البلاد”. ورفض المؤتمر الوطني العام في وقت سابق هذا التهديد، وآزرته في ذلك غرفة عمليات ثوار ليبيا التي تضم عدة كتائب لثوار سابقين مثل ثوار طرابلس ومصراتة وبنغازي وأجدابيا، وأُعلن النفير العام في البلاد، كما تدخلت الأممالمتحدة للوساطة لإنهاء هذه الأزمة، وأكدت الولاياتالمتحدةالأمريكية بالإضافة إلى عدة دول في الاتحاد الأوروبي دعمهم لشرعية المؤتمر الوطني العام ورفضهم استعمال القوة لتغيير المؤسسات المنتخبة. وأعطت الكتيبتان أول أمس المؤتمر الوطني الليبي العام مهلة 5 ساعات للاستقالة تحت طائلة اعتقال كل نائب لا يلبي هذا المطلب، قبل أن تعلن لاحقا تمديد المهلة ب72 ساعة، وانتهت مهلة كتيبتي القعقاع والصواعق للمؤتمر الوطني الليبي الساعة السادسة مساء بتوقيت غرينيتش، واعتبرتا أن كل عضو برلماني لم يستقل من منصبه شخصا مغتصبا للسلطة سيعتقل قبل أن يحاكم، بحسب بيان الكتيبتين. ورغم أن الكتيبتين لم تكتفيا بالتهديد الذي يعد الأخطر من نوعه منذ سقوط نظام العقيد معمر القذافي، بل استعرضت قوات كتيبة القعقاع قواتها في العاصمة طرابلس، حيث شوهدت دبابات ومجنزرات ومئات الجنود التابعين للواء الأول المعروف باسم “القعقاع” من ركن حرس الحدود بالجيش الليبي يجول شوارع العاصمة طرابلس، كما تم إغلاق مطار طرابلس الدولي أمام الملاحة الجوية لساعات، كما توقفت الملاحة الجوية في مطار بنغازي ولكن لأسباب اجتماعية بالأساس ولا علاقة لها بتهديد كتيبتي قبيلة الزنتان. وجدير بالذكر أن كتيبة القعقاع تكونت على يد مجموعة ليبيين من غرب البلاد تمرنوا في منطقة الزنتان عام 2011، وتحملت الكتيبة مسؤولية الحفاظ على الأمن وحماية كبار المسؤولين والوزارات، وهي ذات تسليح جيد، أما كتيبة الصواعق فكلفت بحماية كبار أعضاء الحكومة الانتقالية، وأدرجت تحت سيطرة وزارة الدفاع في أكتوبر 2012، وتسليحها جيد هي الأخرى، خاصة أنها تمتلك أسلحة مضادة للطائرات. وقامت الكتيبتان بمغادرة طرابلس إلى الزنتان أواخر العام الماضي امتثالا لتوجيهات السلطات، بعد أن كانتا تحتلان عددا من المواقع بعد سقوط نظام القذافي. سياسيا يبدأ الليبيون اليوم في انتخاب الهيئة التأسيسية المكونة من 60 عضوا والتي ستتولى مهمة صياغة مشروع الدستور في مدة لا تتجاوز 4 أشهر. وسيتوجه أكثر من مليون و103 ألف ناخب ليبي موزعين على 17 دائرة انتخابية إلى صناديق الاقتراع، فيما ينتخب الليبيون في الخارج أعضاء الهيئة لمدة 5 أيام من 15 فيفري إلى 20 من نفس الشهر، وذلك في 13 دولة وعبر 19 مركزا انتخابيا. على صعيد آخر، أصيب قاض يعمل في محكمة جنوب بنغازي بجروح بالغة إثر استهدافه بإلصاق عبوة ناسفة أسفل سيارته انفجرت لدى وصوله إلى مقر العمل في منطقة الماجوري وسط بنغازي صباح أمس، على ما أفادت مصادر طبية وأمنية.