تدخل جيش الرب الأوغندي زاد من مخاوف الإبادة العرقية بداية ما الذي يحدث في إفريقيا الوسطى؟ إفريقيا الوسطى نموذج الدولة الإفريقية التي لم تنجح منذ استقلالها في بناء مؤسسات، وعاشت على وقع الانقلابات العسكرية، إذ في كل مرة يخلع جنرال الزي العسكري ليستبدله باللباس المدني ويعلن نفسه رئيسا للبلاد قبل أن يأتي جنرال آخر ليزيحه عن الحكم، والحاصل حاليا أن أطراف النزاع السياسي اعتمدوا على مبدأ القوة العسكرية لإزاحة الخصم عن الحكم، فلم يمانعوا من الاستعانة بميليشيات لا تعترف بمبادئ الانضباط والولاء لأي فكر سياسي. وكانت البداية مع ميليشيا “السيليكا” المتحالفة مع الرئيس السابق لجمهورية إفريقيا الوسطى “ميشيل دجوتوديا” للإطاحة بالرئيس بوزيزي، وبالنظر للممارسات العنيفة والتجاوزات المتكررة لهذه الميليشيا في حق المواطنين، كان رد الفعل إنشاء ميليشيا مضادة، فكانت “أنتي بلاكا” التي سعت في مرحلة ما إلى دعم بوزيزي، لكن ما حدث أن “السيليكا” كانوا من الأقلية المسلمة، فيما “أنتي بلاكا” من الغالبية المسيحية، ما أدى إلى تحول الصراع إلى حرب عقائدية. هذا يعني أن ما يحدث أصبح إبادة عرقية طائفية؟ مثلما قلت النزاع لم يكن دينيا ولا عرقيا بل كان على السلطة، لكن سرعان ما تحول الأمر إلى السعي للانتقام من ميليشيا السيليكا فشمل الانتقام كل المسلمين، ليصبح بمثابة إبادة جماعية للمسلمين المتواجدين في إفريقيا الوسطى من كل الجنسيات. ولعل ما زاد من تحول النزاع إلى إبادة عرقية دخولُ جيش الرب الأوغندي في الحرب الدائرة، وهو موجود في إفريقيا الوسطى ومعروف عنه انتماؤه للجماعات المسيحية المتطرفة التي تسعى إلى إقامة دولة مسيحية في عدد من الدول الإفريقية باستعمال القوة. هناك مخاوف من أن تتحول إفريقيا الوسطى إلى صومال آخر بفعل انتشار السلاح والمرتزقة؟ هذا صحيح والاحتمال قائم لأن الأوضاع خرجت عن السيطرة وأصبح كل قائد مجموعة تملك أسلحة يعلن نفسه زعيما ويسعى للسيطرة على منطقة معينة يقوم بفرض قانونه فيها، والحال أن هناك تقارير تتحدث عن انتشار أنواع مختلفة من التجارة الممنوعة، المخدرات، الرقيق والسلاح وعليه فإن الأمر لم يعد متعلقا فقط بطرد المسلمين من إفريقيا الوسطى أو تقسيم البلاد، المسلحون على اختلافهم لا يملكون أجندة سياسية واضحة وأكثرهم عصابات وقطاع طرق يستغلون الفوضى السائدة. وهل تعتقدون أن عملية “سانغاريس” والبعثة الدولية لمساندة إفريقيا الوسطى “ميسكا” قادرة على إعادة السلم؟ الأمر متوقف على مدى التنسيق بين القوى الإقليمية وأقصد الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وفي مقدمتهم فرنسا، باعتبارها القوى المتدخلة في حفظ الأمن في إفريقيا الوسطى، وقد اتضح منذ إرسال فرنسا لجنودها وإطلاق هذه العملية الحاجة المتزايدة لإرسال المزيد من الجنود لمواجهة الواقع المعقد على الأرض، أعتقد شخصيا أن مستقبل إفريقيا الوسطى مرهون بمدى قدرة الأطراف المتدخلة في صياغة استراتيجية واضحة وبعيدة المدى لاستعادة الأمن والحفاظ عليه.