أثار حديث عبد الرزاق مقري، رئيس حركة مجتمع السلم، عن ”صفقة سياسية سرية” بين أجنحة النظام المتصارعة يشارك فيها طرف إسلامي، جدلا بسبب غموض الجهة المقصودة. ويشير كلام مقري إلى وجود فرضيتين، كلتاهما تخدم مرشح النظام عبد العزيز بوتفليقة. وتتمثل الفرضية الأولى في دخول مرشح إسلامي للانتخابات الرئاسية المقبلة من دون انتماء حزبي، لتأدية دور ”الأرنب” لمرافقة بوتفليقة إلى الخط النهائي من السباق المحسوم مسبقا. وسيكون هذا الدور شبيها بالدور الذي سيؤديه ”متسابقون” آخرون أبرزهم الأمينة العامة لحزب العمال لويزة حنون، ورئيس الحكومة الأسبق علي بن فليس، وآخرون ممن يسعون لإعطاء انطباع خاطئ مفاده أن اللعبة مفتوحة. وعلى هذا الصعيد، قد يكون هذا المرشح، الذي يقصده مقري، من داخل حمس. فهل هو أبو جرة سلطاني الذي نسبت له رغبة مفترضة في الترشح رغم قرار مجلس الشورى بمقاطعة الاستحقاق؟ وردا على الاستفهام قال مقري في اتصال مع ”الخبر”: ”لا أقصد السيد سلطاني طبعا”. وهل يقصد رئيس حمس شخصا أو حزبا تأسس من رحم حركة مجتمع السلم، فقال: ”أنا لم أحدد أي جهة”. وأوضح سلطاني في اتصال به بشأن نفس الموضوع: ”أنا خارج حسابات الرئاسيات ومن البداية”. وقد أثير احتمال ترشح سلطاني، انطلاقا من طلب رفعه لوزير الداخلية للقائه. ويقول المعني إن الطلب سابق لآجال الاستحقاق ”يدخل في إطار البحث عن ضمانات أوثق لتأمين المستقبل وحماية الوطن”. والفرضية الثانية تتمثل في إعلان حزب إسلامي تزكية مرشح النظام بوتفليقة ودعمه لمشروع العهدة الرابعة. وفي هذه الحالة يرجح بأن جبهة التغيير بقيادة عبد المجيد مناصرة، وحركة البناء الوطني برئاسة الشيخ مصطفى بلمهدي، هما المعنيتان ب”الصفقة السرية” التي يقول مقري إنها تطبخ حاليا ويراد إدخال طرف إسلامي فيها في اللحظة الأخيرة. والسبب في هذا الاحتمال أن ”التغيير” و”البناء” الوحيدان من ضمن أحزاب التيار الإسلامي، من لم يحسم الموقف وإن كان لا أحد من المسؤولين فيهما أعطى إشارات تفيد باحتمال الانخراط في مسعى دعم ترشح الرئيس المريض. وقد تعني ”الصفقة السياسية السرية”، حزبا أو شخصا من التيار الإسلامي لا يدعم بالضرورة بوتفليقة بصفة مباشرة وإنما يزكي مترشحا ”أرنبا” يعطي بمشاركته في الانتخابات مصداقية لها. وضمن هذه الزاوية، يرجح بأن المقصود هو حركة الإصلاح الوطني التي أعلن أمينها العام جهيد يونسي دعم بن فليس. كما قد يكون المقصود أيضا عز الدين جرافة، عضو مجلس الشورى، الذي انضم باسمه الخاص إلى فريق مساندي ترشح منافس بوتفليقة في رئاسيات 2004. ففي الحالة الأولى خرجت حركة الإصلاح من التنسيق السياسي المحكم الذي جمع ”تكتل الجزائر الخضراء” الذي تأسس بمعية حمس والنهضة عشية تشريعيات 2012، وبالتالي ينظر الشريكان الإسلاميان لموقف يونسي على أنه ”تغريدة خارج السرب”. وفي الحالة الثانية، من المنتظر أن يتعامل برلمان النهضة مع جرافة على أنه شق عصا الطاعة، لأن موقفه يترك الانطباع بأن شرخا يقسم الحزب الإسلامي بخصوص رئاسيات 2014. وقد يكون مصيره الفصل من الصفوف نهائيا. وباستثناء الأطراف والأحزاب الإسلامية المشار إليها، تبقى الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحظورة التي لم تتخذ موقفا نهائيا من الاستحقاق. وقال رئيسها المقيم في قطر عباسي مدني، الأسبوع الماضي، إنه لا يزال يدرس الخيارات المطروحة. وإذا كان من غير المنطقي أن يدعم الفيس ترشح بوتفليقة، فهل سيزكي ترشح بن فليس؟ على كل حال، سبق للحزب المحظور أن أعطى توجيهات لأنصاره بالمقاطعة في كل الاستحقاقات التي جاءت بعد تدخل الجيش وإلغاء الانتخابات التي فاز بها نهاية 1991.