توجه حوالي مليون ونصف ناخب أمس إلى صناديق الاقتراع لضم شبه جزيرة القرم إلى روسيا. وسجلت نسبة التصويت بأكثر من 65% في الظهيرة، ما يؤكد القرار الفاصل في تاريخ هذه المنطقة الحيوية التي تحتضن رابع أسطول بحري روسي منذ 200 سنة. في آخر محاولة غربية قبيل الاستفتاء، بادر مجلس الأمن للأمم المتحدة بتمرير لائحة تدين استفتاء القرم وتقضي بإبطاله قانونا، وامتنعت الصين عن التصويت بحجة ”رفض التصادم”. وصوت 13 عضوا لصالح اللائحة، بينما استعملت روسيا حق الفيتو. وقد اتفق قادة القوات الروسية والأوكرانية على فتح القواعد إلى غاية 21 من الشهر يوم تصويت البرلمان الروسي على ضم أوكرانيا لتمرير المؤونة. بينما سجل حلف الناتو ليلة الأحد قرصنة لمواقعه الإلكترونية. وفي مكالمة هاتفية بين الرئيس الروسي بوتين والمستشارة الألمانية مركل، نددت هذه الأخيرة بالتدخل العسكري الروسي خارج حدود القرم، في إشارة إلى أحداث وقعت أول أمس في خرسون جنوبأوكرانيا، حين تدخلت وحدات عسكرية روسية مدعمة بمروحيات ومدرعات لحماية محطة توزيع الغاز. ورد بوتين بأنه سيحترم قرار سكان شبه الجزيرة. وأفاد مراسل وكالة ”فرانس برس” بأن متظاهرين موالين لروسيا اقتحموا الأحد مقري النيابة وأجهزة الاستخبارات في مدينة دونيتسك الناطقة بالروسية في شرق أوكرانيا، وذلك إثر تظاهرة طالبت بالانضمام إلى روسيا. لكن الأخطر في المعادلة هو ما سوف يترتب من ارتدادات على المناطق ذات الأغلبية الروسية في شرق وجنوبأوكرانيا. وحمل الرئيس الأوكراني بالنيابة ألكسندر تورشينوف موسكو مسؤولية الأزمة القائمة في الشرق، حيث مات شخص في مشادات بين طرفي النزاع. وقال إن ”هناك خطرا حقيقيا وراء استيلاء روسيا على مزيد من الأراضي الأوكرانية بعد انتهاء استفتاء القرم”. وشدد أمام البرلمان الأوكراني قائلا ”أنا لا أبالغ، هناك خطر حقيقي من تهديدات بغزو الأراضي الأوكرانية”. وكانت القرم تابعة لروسيا القيصرية منذ عهد الملكة إكاترينا الثانية في 1783 ثم للاتحاد السوفياتي، إلى غاية 1954 عندما قرر نكيتا خروتشاف ضمها إلى أوكرانيا. ومع التصعيد الذي طرأ في نوفمبر الماضي بسبب رفض الرئيس السابق فكتور يانكوفيتش التوقيع على اتفاق الشراكة مع أوروبا، حدث شرخ في التركيبة السكانية بين شرق وغرب، وشمال وجنوب. ما أدى إلى توغل روسي في شبه الجزيرة رافقه تنديد ثم تهديد غربي، انتهى باستفتاء نهار أمس لتفصل القرم نهائيا عن أوكرانيا بعد 60 سنة من التعايش. ووصف المحللون هذا الإجراء ب”التاريخي” منذ نهاية الحرب الباردة بين معسكري الشرق والغرب في 1991 بعد سقوط حائط برلين وانهيار الاتحاد السوفيتي. بل راح البعض يعلن عن ”حرب باردة جديدة”، وقد توعد الغرب موسكو بعواقب وخيمة في اليوم الموالي للاستفتاء، في حال ما إذا تم الفصل.