استبعد الباحث الرئيسي في مركز برشلونة للشؤون الدولية، فرانسيس غيلاس، أمس، أن تكون زيارة كاتب الدولة الأمريكية، جون كيري، لها علاقة بالانتخابات الرئاسية، أو من أجل تزكية العهدة الرابعة للرئيس بوتفليقة، مضيفا أن أمريكا لا تضع السياسة في هذا المستوى، ”لا أعتقد أن لدى أمريكا رأيا صريحا في موضوع ترشح بوتفليقة، كما أن شمال إفريقيا ليس ضمن الاهتمامات الأساسية للولايات المتحدةالأمريكية. صحيح أن هناك مصالح، لكن تبقى نسبية”. يرى الباحث فرانسيس غيلاس، والصحفي السابق في ”فايناشل تايمز” المختصة في الاقتصاد، في لقاء مع ”الخبر”، أن المسؤولين في الولاياتالمتحدةالأمريكية لديهم الحاجة للحديث مع الجزائريين، ومعرفة رؤية الجزائر في مسائل مهمة، خاصة في القضايا الأمنية، لأن المنطقة تعرف غليانا كبيرا وظواهر خطيرة كالإرهاب وعصابات السلاح، ومعارك معقدة، فيها مزيج من الجهاديين وتجار الكوكايين وأنواع أخرى من النشاطات المشبوهة، ما جعل الحدود غير مؤمّنة في شمال إفريقيا، والوضعية لا تتحسن مع مرور الوقت. ولا يستبعد الباحث أن يطرح الأمريكيون مسألة التعاون، وماذا يمكن أن يقدّموا للجزائر في هذا المجال، خاصة مع تأزم الوضع في ليبيا، الذي وصفه ب«الخطير جدا” والذي لا يسير نحو التحسن، مضيفا أن الجزائر مركز شمال إفريقيا، وهناك مواضيع عديدة يمكن أن يتناقش فيها الجزائريونوالأمريكان في هذا الجانب، كالصحراء الغربية ومالي وتونس. ويطرح الباحث، من جانب آخر، الرهان الاقتصادي الذي يدخل، أيضا، ضمن أولويات المسؤولين في واشنطن، خاصة بعد الأزمة الأوكرانية التي فتحت بقوة ملف الطاقة، ومحاولة أمريكا إقناع الأوروبيين بتنويع مصادرهم من الغاز، بشكل كبير، ومع الوقت على مدى 15 سنة القادمة، مضيفا أن الجزائر أحد العناصر المهمة في هذه المسألة، نظرا لمواردها الكبيرة من هذه المادة، والتي تبقى غير مستغلة ويمكن تطويرها. وأوضح غيلاس، المختص بالقضايا الطاقوية في شمال إفريقيا، أيضا، في هذا الجانب، أن الجزائر يمكنها رفع صادراتها من الغاز اليوم، بعد أن انخفضت منذ مدة من 60 مليارا إلى 50 مليار متر مكعب، بسبب انخفاض الطلب الأوروبي، معقّبا لكن السنوات القادمة ستشهد ارتفاعا كبيرا في استهلاك الغاز خاصة في أوروبا. ويرى المتحدث أن ألمانيا يمكنها أن تكون سوقا مهمة للجزائر خلال العشر سنوات القادمة، لو نوّعت مصادرها من الغاز، وابتعدت عن السوق الروسية. وهي المسائل التي في رأي غيلاس سيتطرق إليها جون كيري مع المسؤولين الجزائريين بقوة، وتتعلق بسياسة تمتد إلى عشر سنوات. ويعرّج الباحث على مسألة التوغل الصيني أيضا في شمال إفريقيا، والذي اعتبره ضمن الملفات المهمة المطروحة، حيث يعتقد أن الأمريكيين يسعون إلى إيقاف تقدّم الصينيين في شمال إفريقيا في مسألة استغلال الطاقة ومحاولة منعهم من وضع يدهم عليها، حيث أفاد أنه من الأسباب الرئيسية للتدخل في ليبيا كانت قضية الطاقة ومحاولة إيقاف الزحف الصيني. ويربط الباحث، من جانب آخر، هذه الزيارة بالمفاوضات الأمريكية الإيرانية، ”المسألة الإيرانية أيضا تدخل ضمن الملفات المطروحة”، مذكرا بالدور الذي لعبته الجزائر في تحرير الرهائن الأمريكيين في طهران منذ 30 سنة، خاصة، يضيف الباحث، أنه يبدو ولأول مرة سيكون هناك حوار ذكي، ويطرح التساؤل ”هل الجزائر يمكن أن تقدم إضافة في هذا الحوار، لا نعلم، لكن هناك من في الجزائر لديهم تجربة كبيرة في المسائل الإيرانية”.