شهدت الحملة الانتخابية الأخيرة تجاوزات مسّت حقوق المؤلف والحقوق المجاورة للفنان، حيث انتشرت أغانٍ تدعم المترشحين وتتغنى ب"الوطن"، ولكن في قالب موسيقي مقتبس أو من خلال إعادة أغانٍ قديمة سواء للراحل دحمان الحراشي أو العنقى وغيرهم، وتم ذلك دون احترام حقوق المؤلف. وقام بعض المغنين بإصدار ألبومات غنائية بذلك الشكل المستنسخ وغير المسجل في الديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة. صدحت عبر مكبرات الصوت في شوارع العاصمة وتحديدا في ساحة “أودان” و”البريد المركزي” أغانٍ تدعم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة خلال الحملة الانتخابية وتمجد إنجازاته، أداها شباب فرق غنائية موقّعة بتوزيع موسيقي مقتبس لأغاني مشهورة، كأغنية “سي لافي” للشاب خالد الذي لطالما اشتكى من ظاهرة القرصنة وعدم احترام حقوق المؤلف في الجزائر. غير أن تلك الأغاني التي تم تسجيلها في الجزائر لم تعكس احترام أنصار بوتفليقة من الفنانين لقواعد العمل الفني، سواء في كلمات الأغاني أو التوزيع الموسيقى، وسط صمت الديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة الذي قاد قبل أيام فقط مبادرة “ضخمة” لإتلاف 1.5 مليون قرص مضغوط في إطار محاربة “القرصنة” وأيضا حماية حقوق المؤلفين المالية ومحاربة البزنسة في “الفن”. وبالنظر إلى تصريحات الشاب يزيد، على سبيل المثال، خلال أحد البرامج الإذاعية، أمس الأول، الذي اعتبر فوز بوتفليقة بعهدة رئاسية رابعة مؤشرا قويا على نجاح الأغاني التي أداها المغنون لدعمه خلال الحملة الانتخابية، فإننا نكتشف التناقض، حيث قال الشاب يزيد الذي أدى أغنية “أنت أنت” لتحية الرئيس عبد العزيز بوتفليقة “لقد كنا مضطرين لتسجيل الأغنية بسرعة وصراحة لم نكن أعلم أن الأغنية سبق أن أدتها الشابة سهام”. كما أشار إلى أن اختياره لأداء الأغنية من طرف الإذاعة الثقافية جاء سريعا بعد أن طلب من الإذاعة المشاركة بأغنية في إطار الحملة الانتخابية، وهو ما أكد عليه ملحن الأغنية خلال الحصة، مشيرا إلى أن”الإذاعة الثقافية” تلقت تعليمات بضرورة تسجيل أغنية في إطار الانتخابات الرئاسية. وتعتبر مشاركة الإذاعة الثقافية بهذه الطريقة ّ في دعم “العهدة الرابعة” إجراء غير قانوني، خصوصا أن مؤسسات الإعلام العمومي ملزمة بالحياد، غير أن هذا الالتزام لم يتحقق على مستوى مؤسسات الإعلام العمومية التي تجاوزت الحدود إلى درجة فتح مدرجات أعرق مسرح إذاعي عمومي في الجزائر لأنصار بوتفليقة لأداء أغنية خاصة له في إطار الحملة الانتخابية، وهي أغنية تطرح تساؤلات عن ممولها وهل الخزينة العمومية من قام بذلك وهذا لدفع مستحقات الفنانين الذين شاركوا في أغنية “تعاهدنا مع الجزائر” وغيرها من الأغاني التي وصفت شعبيا ب”الشيتة” للرئيس المترشح عبد العزيز بوتفليقة. وكشف أثير الإذاعات الوطنية حجم التنافس بين المطربين لاسيما منهم “المغمورون”، على أداء أغانٍ وطنية وأخرى سياسية حظيت بساعات بث واسعة، في ظل غياب شبه تام ل”الرقابة”. وقد غلبت على معظم الأغاني التي حملت عناوين “وطني”، “انتخبوا” و”سيدي الرئيس” ألحان غير أصلية، بما يعكس سرعة إعداد تلك الأغاني ذات الطابع المناسباتي. وبالحديث عن التجاوزات في الأغاني التي بثتها وسائل الإعلام سواء الراديو أو التلفزيون، نلحظ كيف أن استوديوهات المؤسسات الوطنية فتحت أبوابها “لتصوير فيديو كليب” بفكرة غير أصلية، على غرار فيديو كليب أغنية “تعاهدنا مع الجزائر” المقتبس أيضا من أغنية “نحن العالم” الشهيرة مع فرق كبير، حيث إن عائدات أغنية “نحن العالم” التي كتبها المغني الراحل مايكل جاكسون وليونيل ريتشي سنة 1985، والتي بلغت حوالي 63 مليون دولار، خصصت لمساعدة الفقراء عبر العالم، وليس لدعم مرشح معين عبر إقحام المشاعر الإنسانية والوطنية. هشام دعو من فرقة “ڤروب دزاير” ل”الخبر” إشعار صاحب الأغنية الأصلي أمر مهم قال الفنان هشام دعو، عضو فرقة “ڤروب دزاير”، إن أرشيف الأغاني في الجزائر يصبح ملكية عمومية بعد خمسين عاما من صدور الأغنية، موضحا بأن فرقة “ڤروب دزاير” سبق أن أعادت أداء أغنية “حيزية”، لكن مع الإشارة إلى صاحبها الأصلي. وقال هشام دعو، في معرض تعليقه على الأغاني التي انتشرت مؤخرا في الحملة الانتخابية وتدعم المرشحين، من خلال استخدام ألحان لأغاني مشهورة: “هناك من يقوم بتأليف أغانٍ لصالح الرئيس عن قناعة، وهناك من يبحث فقط عن فرصة للظهور بشكل مناسباتي”. وأضاف “إنهم يبحثون عن تمرير رسالتهم من خلال الاستعانة بلحن مشهور، وهذا أمر طبيعي” من وجهة نظر هشام دعو الذي قال إن المشكلة تبقى فقط بخصوص إشعار صاحب الأغنية الأصلي من عدمه. الجزائر: ع.محمد ياسين أوعابد ل”الخبر” الظاهرة قديمة ولا تتعلق بالمناسبات فقط يؤكد الشاعر ياسين أوعابد أن إعادة الأغاني أمر يصب في مصلحة المغني الأصلي للأغنية، إذا ما قام المؤدي بإعلان ذلك، حيث يحقق رواج الأغنية ويمنح الفنان مزيدا من الحقوق المالية. ويعتقد أوعابد أن الظاهرة قديمة ولا تتعلق فقط بالانتخابات أو المناسبات، وقال: “نحن في عصر السرعة، والشباب اليوم يريد البحث عن ألحان ناجحة للتواجد في الساحة الفنية”. وأشار صاحب أغنية “يا حسراه عليك يا الدنيا” التي أداها الفنان الراحل كمال مسعودي، إلى أن أرشيف الأغنية الجزائرية يتعرض كل يوم للقرصنة من طرف الفنانين الذين يقومون بإعادة الأغاني، على غرار أغاني المطربين الراحلين الكبار أمثال دحمان الحراشي والعنقى وغيرهم. الجزائر: ع. محمد