تعهّد وزير العدل الطيب لوح ب«تعميق إصلاح العدالة” في الجوانب المتعلقة بنوعية الأحكام والقرارات التي تصدرها الجهات القضائية، وفي الآداء الإداري لجهاز القضاء. وقال إن “لا أحد يمكن أن يوقفني في هذا، لأنني أطبق برنامج فخامة الرئيس، حيث حرية المواطنين مقدسة”. توقف لوح أمس، وهو يشرف على إطلاق مشروع رقمنة معالجة الملفات والاجتهاد القضائي بالمحكمة العليا بالعاصمة، على حقيقة طالما عانى منها المتقاضون. فإحصائيات المحكمة العليا تفيد بأن مخزون الملفات المتراكمة يتجاوز 275 ألف ملف، 85 بالمائة جنح ومخالفات، أي النوع من القضايا الذي يهم الغالبية الساحقة من الأشخاص الذين يطلبون قرارات وأحكام لحل مشاكلهم التي يصادفونها في حياتهم اليومية. ولوح صرّح بعظمة لسانه أن ملفات لا تزال عالقة بالمحكمة العليا منذ أكثر من 6 سنوات، مشيرا إلى أن “التراكم كبير ولا يمكن أن يبقى الوضع على حاله، لأنه يمس بحقوق المتقاضين”. ووعد وزير العدل بأن التطبيقات الجديدة المتعلقة برقمنة الملفات، التي تم عرضها أمس، على القضاة، ستساهم في تهيئة الملف لعرضه على الغرف بالمحكمة العليا ومعالجته، كل ذلك في ظرف لا يتجاوز 9 أشهر. وتبدو هذه الآجال طوباوية، بالنسبة لقضاة تحدثوا إلينا على هامش زيارة الوزير، إذ ذكر بعضهم أن معالجة الملفات بالإعلام الآلي، جاري تطبيقها منذ 3 سنوات على الأقل، من دون أن يسهم ذلك في تخفيض عدد الملفات العالقة. وقال أحدهم: “ما سمعتموه اليوم عن رقمنة معالجة القضايا، موجه للاستهلاك الإعلامي لا غير، وجميع القضاة بالمحكمة العليا يدركون بأن الرقمنة شيء غير صحيح”. وقال لوح إن “ما يجري من عصرنة بالمحكمة العليا، تعرفه بقية الجهات القضائية”. واعتبر رقمنة الملفات ومصلحة الوثائق بأعلى جهة في القضاء المدني، “إجراءات تساهم في ترقية العمل القضائي”. وأفاد الوزير بأنه يحضر لمشروع قانون يتعلق بعصرنة العدالة، سيمكّن حسبه، من تزويد القضاء بمرجعية قانونية تتيح استعمال الآليات الجديدة في اتباع الإجراءات القضائية. وأضاف: “إذا لم يكن لدينا آليات عصرية لا يمكن أن نصل إلى توحيد الاجتهاد القضائي، فعندما يقع التناقض بين غرفتين (في معالجة ملف واحد)، يعقد الرئيس الأول للمحكمة العليا جلسة لكل الغرف مجتمعة، لتوحيد الاجتهاد القضائي وسينعكس ذلك آليا على المجالس القضائية التي ستعمل بالاجتهاد”. وبدا لوح واثقا من سداد رؤيته لإصلاح جهاز القضاء، الذي يجري الحديث عنه منذ وصول بوتفليقة إلى الحكم قبل 15 سنة، ومع ذلك لا زال المتقاضون يشتكون من رداءة الأحكام والقرارات القضائية، ولا يزال المواطن يخشى اللجوء إلى القضاء للحصول على حقه، لأنه يعتبره خصما لا حكما. وأوضح لوح بشأن السياسة الإصلاحية التي يريدها: “نظرتنا واضحة ونعرف جيدا إلى أين نحن ذاهبون فيما تعلق بعصرنة العدالة”. وأشار إلى وجود لجنة يقودها قاض يملك خبرة، هو رئيس مركز البحوث القانونية والقضائية، تعدّ حاليا اقتراحات لإصلاح منظومة التكوين. وعاد لوح إلى ما يسمى ب«الإفراط في اللجوء إلى الحبس المؤقت”، إذ قال إنه “ينبغي أن يكون ذلك استثناء، لأن حرية المواطن تبقى مقدسة”. وتحاشى لوح الخوض في الإجراءات غير السليمة التي اتبعت العام الماضي في إصدار الأمر الدولي بالقبض على وزير الطاقة السابق شكيب خليل، واكتفى بالقول إنه “لا يريد التدخل في شؤون القضاة”. أنشر على