باب التّوبة مفتوح على كلّ عبد كتب الله له العيش، فما علينا إلاّ البِدار إليه والمسارعة إلى طلب مغفرة الله وعفوه، قال تعالى: ”وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ” النّساء:33. وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ”يا أيّها النّاس توبوا إلى الله فإنّي أتوب في اليوم إليه مائة مرّة” أخرجه مسلم. وعلى المسلم أن يسعى من أجل تحقيق التّوبة النّصوح الّتي تستوفي أركانها وشروطها حتّى يغفر الله بإذنه، وتكون دليلاً على صدق المذنب التّائب. قال الله تعالى: ”يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ يَوْمَ لا يُخْزِي اللهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٍ” التّحريم:8، وقال أيضًا: ”وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَميعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ” النّور:31، وقال سبحانه: ”إنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَابِينَ وَيُحِبُّ المُتَطَهِّرِينَ” البقرة:222. ولمّا كانت طبيعة الإنسان هي الضّعف والخطأ، فمن فضل الله تعالى أن جعل باب التّوبة مفتوحًا إلى أن يموت ذلك الإنسان، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ”والّذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون ويستغفرون الله فيغفر لهم” أخرجه مسلم. فليس العيب فيمن أخطأ وأذنب ولكن العيب فيمن أصرّ على خطئه بعد علمه ولم يتب إلى الله تعالى غافر الذّنب وقابل التوبة. عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فيما يحكي عن ربّه قال: ”أَذْنَبَ عَبْدٌ ذَنْبًا، فقال: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي. فقال تبارك وتعالى: أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبًا فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ. ثمّ عاد فأَذْنَبَ، فقال: أي رَبِّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي. فقال تبارك وتعالى: عَبْدِي أَذْنَبَ ذَنْبًا فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ. ثمّ عاد فأَذْنَبَ فقال: أي رَبِّ اغْفِرْ لي ذَنْبِي. فقال تبارك وتعالى: أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبًا فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ، اعْمَلْ مَا شِئْتَ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكَ” رواه مسلم، أي: مادمت تذنب ثمّ تتوب غفرتُ لك. فالتّوبة واجبة على الفور من المعصية والذّنب، وعلى التّائب أن يعقد العزم على عدم الرّجوع إلى ذلك الذّنب. والله أعلم.