يبدو أن أحفاد الجمهوريين الإسبان لم ينسوا معاناة آبائهم وأجدادهم، الذين استقبلهم الجيش الاستعماري الفرنسي في المرسى الكبير بالقنابل والرصاص، وهم الذين هربوا من قنابل فرانكو وهيتلر في 29 مارس 1939. ولقد شرح السيد باسكال مورينو، ممثل لجنة ذاكرة اللاجئين الجمهوريين الإسبان، مغزى “هذا الحج إلى المواقع التي احتمى إليها أسلافنا عندما كان الرصاص والقنابل تترصدهم في الأراضي الإسبانية”. وأضاف أن ال 3 آلاف إسباني وإسبانية الذين ركبوا الباخرة البريطانية من ميناء آليكانت في مارس 1939 “لم يكونوا يعرفون أن مصيرا غير جميل ينتظرهم في الأراضي الجزائرية، التي كانت حينها تحت وطأة الاستعمار. ومع ذلك لقوا كل التضامن والرعاية من طرف الجزائريين”. ويتشكل الوفد الإسباني الذي حل بوهران من 92 عضوا، أغلبيتهم تربطهم قرابات مع ركاب باخرة “ستان بروك”، حرصوا على العودة إلى وهران، بعد 75 سنة من المأساة، التي نتجت عنها روابط تاريخية بين الشعبين الجزائري والإسباني، حيث تفيد الروايات التاريخية بأن ما لا يقل عن 20 ألف إسباني هجروا بلادهم نحو الجزائر منذ اندلاع الحرب الأهلية الإسبانية سنة 1936. ولقد انصهرت أغلبية العائلات الإسبانية في المجتمع الجزائري، بحكم تشتيتها من طرف السلطات الاستعمارية الفرنسية في مختلف المدن الجزائرية، ورمتهم في البداية في المحتشدات، قبل أن ينعموا بالحرية بعد نهاية الحرب العالمية الثانية. وقالت مديرة الثقافة لولاية وهران، السيدة ربيعة موساوي، التي رافقت الوفد الإسباني صباح أمس، في الندوة الصحفية التي عقدتها، إن “العلاقات التي تربط الشعبين الإسباني والجزائري التحمت خلال المأساة التي عاشها الشعبان. وهو ما يجعلها قوية ومتجذرة”. ومن المنتظر أن يتنقل الوفد الجمهوري الإسباني إلى ولايتي غليزان ومستغانم، حيث عاشت الجالية الإسبانية “الجمهورية”، كما سيزور المحتشدات التي آوى إليها الهاربون الإسبان وكذا المقابر التي دفن فيها موتاهم.