رغم أن وحيد حاليلوزيتش لم تكن لديه قبل مباريات المونديال نتائج كبيرة أمام منتخبات قوية، وخسر كل المباريات المصنّفة ”معيارا” للحكم على مدى قوة المنتخب الجزائري، ورغم أنه أيضا لم يستقر على معالم التشكيلة الأساسية للمنتخب في ثلاث سنوات كاملة، إلا أن التقني البوسني تدارك كل ذلك في الدورة النهائية لكأس العالم وحقق نتائج فاقت كل التوقعات، وحطّم معه المنتخب الجزائري عدة أرقام، ما رشّح ”الخضر” لاحتلال المركز ال13 بين المنتخبات المشاركة في المونديال ويصبح أفضل منتخب إفريقي على الإطلاق. ورفض المدرّب حاليلوزيتش تجديد عقده مع الفاف، رغم تلقيه عرضا رسميا من رئيس الجمهورية شخصيا، لا يجعل من موقفه ”خيانة” أو ”تكبّرا” ولا يمكن بأي حال من الأحوال اليوم إطلاق السهام على حاليلوزيتش ومحاولة تلطيخ صورته، لكونه فقط اتخذ قرارا بالمغادرة، والقول اليوم بأن التقني البوسني كان على وشك تدمير المنتخب في المونديال وبأن الفضل كل الفضل في إنجاز ”الخضر” يعود إلى رئيس الفاف نفسه، وإلى اللاعبين دون المدرّب. الحملة الإعلامية ضد وحيد حاليلوزيتش، يومين فقط على اعتذاره لرئيس الجمهورية، جعل الأضواء مسلّطة على المدرّب الوطني نفسه وعلى رفضه الصريح لعرض رئيس الجمهورية، في وقت لا يزال الجدل قائما حول قبول رئيس ”الفاف” دعوة أمير قطر للمنتخب الجزائري دون أخذ موافقة السلطات، في حين يدرك رئيس الاتحادية بأنه استبق الأحداث حين اتفق قبل المونديال مع المدرّب الفرنسي السابق لنادي لوريون، كريستيان غوركوف، على أن يكون خليفة وحيد حاليلوزيتش بعد المونديال، ما جعل عرض رئيس الجمهورية للمدرّب حاليلوزيتش يشكّل حرجا كبيرا لروراوة الذي لم يكن قادرا على اتخاذ قرار يخالف موقف بوتفليقة في حال موافقة حاليلوزيتش على البقاء. حاليلوزيتش لم يقل كل الحقيقة ورغم أن كل التقدير يعود للمدرّب وحيد حاليلوزيتش لما حققه المنتخب الوطني في المونديال، إلا أن المدرّب الوطني السابق، الذي انتقد الصحافة في رسالته التي نشرت على موقع ”الفاف”، واعتذر من خلالها للرئيس بوتفليقة وحيّا تشجيع الوزير الأول عبد المالك سلال، لم يحدد هوية العناوين الصحفية التي جعلته يرفض البقاء في الجزائر، كما أن حاليلوزيتش لم يقل الحقيقة بشأن موقفه، كون جوهر الخلاف القائم اليوم حول أسباب رحيل المدرّب حاليلوزيتش، رغم عرض رئيس الجمهورية، هو رئيس ”الفاف” محمّد روراوة وليس الإعلام الرياضي الجزائري، غير أن حاليلوزيتش فضّل الإطراء على روراوة وليس انتقاده، حتى يضمن ربما نشر رسالته على موقع الاتحادية. كان روراوة على وشك تنحية حاليلوزيتش من منصبه قبل المونديال بسبب خلاف شخصي بينهما، وامتد الخلاف إلى عدم الاتفاق حول موعد تجديد العقد من عدمه، وتبع ذلك تصريحات ”نارية” للمدرّب حاليلوزيتش، يؤكد من خلالها رفضه أن يكون ”خروفا” وبأنه ليس من المدربين الذين يقولون ”نعم” فقط لرئيس الاتحادية، وهي عوامل جعلت محمد روراوة يستفز حاليلوزيتش بالإعلان عن قائمة لأسماء مدربين كبار، قبل أن يتعاقد مع مدرّب لا يملك سيرة ذاتية ثرية، غير أنه جلبه إلى الجزائر وطاف به بمركز سيدي موسى على مرأى من حاليلوزيتش، ثم رتّب له سفرية البرازيل لمعاينة المنتخب الجزائري، ما جعل المدرّب وحيد حاليلوزيتش في قمة الغضب ويجعل من المونديال سلاحه للرد على روراوة ثم يرحل دون رجعة، وقد كسب رهانه فعلا. ويخشى رئيس الاتحادية أن يقترن رحيل حاليلوزيتش ورفضه عرض رئيس الجمهورية بخلافه الشخصي معه، خاصة في حال فشل كريستيان غوركوف في جعل المنتخب يتألق في ”كان 2015”، مثلما تألق مع سابقه في مونديال البرازيل، ما يجعل من ”الحرب الإعلامية” المفاجئة ضد وحيد حاليلوزيتش بمثابة خطوة مدروسة من أجل ”إضفاء صفة المشروعية لموقف رئيس الفاف” الرافض لبقاء حاليلوزيتش، ويبرر إجراءات الاستغناء عن مدرّب وطني قبل حتى الوقوف على نتائج عمله في المونديال. فهل أخطأ وحيد عندما فتح النار على الصحافة الرياضية هذه؟