طالب سكان دائرة برج باجي المختار الحدودية، عند استقبالهم، أول أمس، الوزير الأول عبد المالك سلال، بترقية دائرتهم إلى ولاية وتصنيف منطقتهم ضمن المناطق الرعوية الصحراوية، فيما سيحظى مستقبلا أبناء دائرة عين ڤزام وبلدية تين زاواتين بالأولوية في التشغيل، كأن تصبح نسبة أبناء المنطقة في سلك الجمارك تتراوح بين 50 إلى 75 بالمائة، في خطوة لتشجيعهم على الاستقرار في منطقتهم الحدودية. “ولاية.. ولاية”، هو الشعار البارز الذي رفعه عاليا سكان برج باجي المختار التابعة لولاية أدرار والواقعة على بعد 18 كيلومتر عن الحدود الجزائرية المالية، للفت انتباه الوزير الأول، بل وهي الهتافات التي كان يرددها طابور واسع من المواطنين، بينهم شباب ونساء ورجال وأطفال وحتى مسنون ممن اصطفوا على طول الشارع الممتد من أمام مقر الدائرة حتى مقر البلدية، في إشارة واضحة إلى حتمية ترقية دائرة برج باجي المختار إلى ولاية. هذا الشعار وهذه الهتافات ترجمت إلى مطلب رسمي داخل القاعة على لسان المنتخبين المحليين وعدد من أعيان وعقلاء المنطقة وبعض الجمعيات، إذ اختزلت كل المطالب على المشاكل التي تعرفها هذه المنطقة الحدودية إلى مطلب بارز هو”إن كل العوامل المعطيات والمؤشرات تقود إلى ترقية البرج إلى ولاية”، يقول رئيس المجلس الشعبي الولائي لأدرار، بين هذه العوامل بعد برج باجي المختار عن أدرار ب800 كيلومتر، وهو البعد الذي تحول إلى واحد من أهم العراقيل التي يواجهها المواطنون وحتى المسؤولون، ولم يتردد رئيس بلدية برج باجي المختار في إعادة رفع المطلب ذاته أثناء تدخله، مؤكدا على أن النزاعات والحزازات والقلاقل التي كانت سائدة بين قبائل عرب وتوارڤ لا حظ لها مستقبلا في برج باجي المختار، وقال: “نحن أسود الصحراء ونحن حراس المنطقة، أنا ترڤي وأنا عربي وأنا جزائري، وتحيا الجزائر...”، مشيرا إلى أن الشيء الذي ينتظره كل الناس هو ترقية دائرتهم إلى ولاية. وقدم أحد أعيان برج باجي المختار في تدخله مبررات للوزير الأول والوفد المرافق له المتكون من 10 وزراء، تخص خلفيات تبني هذا المطلب بقوة في الظرف الحالي قائلا: “إن أول عامل، يتمثل في بعد المنطقة عن أدرار ب800 كيلومتر، ذلك في ظل الوضع الكارثي للطريق الرابط بين رڤان وبرج باجي المختار الممتد على 650 كيلومتر والذي لم يتم تزفيته بعد، أضف إلى ذلك، زوال الخصوصية التي كانت تتمتع بها برج باجي المختار في السابق، وهي أنها كانت إحدى أكبر مناطق التبادل التجاري في إطار نظام المقايضة مع دول الساحل، إلا أن هذه الخصوصية زالت، ما جعل الحياة اليوم معطلة بشكل كبير”. وكان أهم مطلب بعد مطلب ترقية الدائرة إلى ولاية هو المطالبة بتصنيف برج باجي مختار منطقة رعوية صحراوية وضرورة الإسراع في إنجاز الطريق الرابط بين رڤان وبرج باجي المختار. وجاء رد الوزير الأول حاملا لإشارات، تفيد بأنه لا يقف ضد هذا المطلب، ولكن لابد أن يرافق ذلك وعي من قبل السكان بأهمية العمل لتطوير وتأمين منطقتهم، وهو الذي دعاهم إلى ضرورة مكافحة التهريب وإعمار الشريط الحدودي، معترفا بأنه لا تنمية من غير إنجاز الطريق الرابط بين رڤان وبرج باجي المختار. ويرتقب أن يحظى أبناء سكان دائرة عين ڤزام وبلدية تين زاواتين بولاية تمنراست أيضا بالأولوية في التشغيل بمنطقتهم وكذا الاستفادة من المشاريع تبعا لما جاء في رد الوزير الأول على تدخلات المجتمع المدني في عين ڤزام، “لابد أن تتراوح نسبة أبناء المنطقة في سلك أعوان الجمارك بين 50 إلى 75 بالمائة، والأمر نفسه بالنسبة للمقاولات التي تتولى إنجاز المشاريع، وكذا بالنسبة لمحطات الخدمات... كل ذلك من أجل ضمان استقرار أبناء المنطقة في شريطهم الحدودي”. والحقيقة أن زيارة عبد المالك سلال إلى عين ڤزام وبرج باجي مختار الحدوديتين تزامنت مع بروز موجة احتجاجات بولاية تمنراست يرتب لها “توارڤ”، بدليل أنهم نظموا تجمعا قبل ساعات من نزوله بتمنراست، نددوا فيه بما أسموه بالتهميش. وأوضح “بلال” ل”الخبر” وهو من شباب المنطقة أن “الشباب في تمنراست يقول إننا نعيش حصارا لا مثيل له”، متسائلا عن مصير مئات الملايير من الدينارات التي أنفقت باسم إنجاز مشاريع ولكنها لم تظهر على أرض الواقع. كما يندد شباب المنطقة بما أسموه “الحصار السياحي” المفروض على المنطقة تحت دواعي “صعوبة الوضع الأمني”. ويطالب التوارڤ برد الاعتبار “لتمانوكالة”، وهو هرم قبلي مجتمعي للتوارڤ، الذي كان له دور تاريخي اجتماعي وسياسي من جانب إسهامه في حل المشاكل. ويقول “بلال” إن هذا التنظيم الذي يضم عقال ومشايخ التوارڤ ما يزال إلى غاية اليوم يسهم في حل مشاكل عجز القضاء عن حلها، إلا أنه مازال مهمشا، بل ويطالبون حتى بإشراكه في القضايا الخارجية نظرا لعلاقاته التاريخية بسكان بلدان الساحل. كما يرفعون انشغالا آخر يتمثل في ضرورة التفاتة الحكومة الجزائرية على نحو جدي لمشكل الأزواد، لأن أعدادا كبيرة منهم تعيش في تمنراست منذ سنوات طويلة.