تحافظ ولاية قسنطينة وخاصة مدينتها القديمة، على استثنائية طبخ أكلة الحمص المعروفة ب”دوبل زيت”، حيث يقصدها الجميع من كل صوب وحدب للتمتع بذوقها الرائع الذي يحمل نكهة فريدة لا توجد في باقي المناطق الوطنية الأخرى. يبدو أن برودة الجو وانخفاض درجات الحرارة، تجعل من طبق “الحمص” سيد المائدة دون منازع إذا ما تم صنعه على الطريقة التقليدية في قسنطينة، حيث كان أصحاب المحلات الصغيرة التي تتواجد في زوايا المدينة القديمة ومنذ الخمسينيات يطبخون هذا الطبق التقليدي بطريقة فريدة، حيث يبدأ تحضيره ليلة من قبل، ليأخذ وقتا زمنيا يقدر بساعات من أجل أن يستوي فوق نار الفحم الهادئة، تضاف إليه توابل مختلفة، ليقدم في صحن من الفخار مزين بشرائح البصل والطماطم المقطعة قطعا صغيرة وملاعق زيت الزيتون والتوابل الحارة ويستهلك ساخنا. وقد تجاوز الإقبال على “حمص دوبل زيت” من قبل فئة الرجال فقط، وتعدى إلى النساء اللواتي أصبحن هن كذلك يتهافتن عليه ويزاحمن الجنس الآخر في المحلات التي كانت حكرا على الرجال ما عدا محلات “رحبة لجمال” التي لا يمكن لأي امرأة دخولها، حيث تشتهر هذه الأخيرة به ويقصدها كل من يرغب بتناول هذا الطبق من خارج الوطن ومن الولايات الأخرى، علما أن طباخي هذا الحي معروفون بتجهيزه مع الساعات الأولى من الصباح وفي وقت الصقيع، حيث بإمكان هذه الوجبة وبالسعرات الحرارية التي تحملها ولذتها وسخونتها التصدي للبرد ومباشرة العمل والنشاط اليومي. وقد كانت هذه الوجبة، منذ وقت قريب، توصف بصديقة الفقراء لسعرها الذي يتناسب مع الجميع، حيث كانت العائلات تصطف في طوابير طويلة من أجل تعبئتها في علب خاصة تأخذ إلى المنازل والالتفاف حولها على مائدة الغداء، إلا أنها أصبحت غير ذلك بعد أن تجاوز سعر الصحن الواحد 120 دينار.