أقدمت الحكومة على تصحيح توجهها الاقتصادي، متراجعة جزئيا عن خطابها الشعبوي الذي رافق بداية العهدة الرابعة، غير أن تغيير الدفة يتطلب النزول مجددا للبرلمان للحصول على مباركته، مثلما تنص على ذلك الأحكام الدستورية ذات الصلة. بالنسبة لرؤساء مجموعات برلمانية وممثلي الشعب، فإنه من الضروري إجراء مناقشة حول الوضع الاقتصادي والاجتماعي بالنظر لحساسية المرحلة. ذكر رئيس المجموعة البرلمانية ل”جبهة العدالة والتنمية”، لخضر بن خلاف، أن الوريقات الثلاث التي تضمنت التوجهات الجديدة للحكومة، تشير إلى “تخبط السلطة في مواجهة الصدمة، وتظهر غياب الشجاعة لدى واضعي السياسات العمومية في مواجهة الرأي العام”. ودعا في تصريح ل”الخبر”، “لفتح نقاش برلماني حول الوضع الاقتصادي والاجتماعي”، رغم إدراكه أن القضايا ذات المنفعة العامة لا تجد لها صدى لدى الأغلبية، حيث جرى رفض كل المبادرات التي جاء بها ممثلو المعارضة لإقامة نقاشات حول قضايا مصيرية للأمة ومنها الفساد. لكن إقامة نقاش، في رأي جلول جودي، رئيس المجموعة البرلمانية لحزب العمال، تعد “مضيعة للوقت”، لأن الغرفة الأولى “غير مؤهلة للنظر في مثل هذه المسائل”. وقال: “لقد اختبرنا الأغلبية في أكثر من مناسبة ولم يكونوا في الموعد، لقد رفضت كل المقترحات التي قدمناها لتعديل قانون المالية، لكنها وافقت عليها لما جاءت من الحكومة مثل مقترح إلغاء المادة 87 مكرر”. واعتبر البرلماني كريم طابو أنه “من باب تحديد المسؤوليات، فإن فتح نقاش برلماني حول الوضع الاقتصادي والاجتماعي يعد ضرورة ملحة”، غير أنه قلل من دور ممثلي الشعب، فالبرلمان الحالي، حسبه، “ليست له شرعية للقيام بمهامه باعتباره صنيعة السلطة التي اختارته لإعطاء غطاء سياسي للقرارات التي تتخذها”. واعتبر طابو أن ما قررته الحكومة، الأسبوع الماضي، يعد “حلولا خاطئة لمشاكل حقيقية”، لافتا إلى أن السلطات تتحمل ما بلغته الجزائر من هشاشة، من خلال تبديد مقدرات البلد في شراء سلم سياسي وتوزيع الريوع وفساد مالي، وتابع: “لقد أنتجت سياسة الحكومة طبقة جديدة من المافيا تحوز حاليا قوة أكبر من قوة الدولة”. وتحفظ نائب رئيس المجلس الشعبي الوطني سابقا عن جبهة التحرير الوطني، عبد القادر عبد اللاوي، عن التوجهات الجديدة للحكومة المترجمة في أوراق سلال الثلاث، وقال: “إن قرار وقف التوظيف مثلا غير صائب تماما، وكان لا بد من اعتماد إجراءات أكثر عدالة تتضمن، حسبه، خفض رواتب كبار موظفي الدولة والبرلمانيين بالثلث على الأقل، في إطار التضامن الوطني بدل الحكم على خريجي الجامعات وطالبي الشغل بالبطالة”. وقال نائب جبهة التحرير الوطني: “كان يجب إعطاء المثال للشعب من خلال سياسة خفض رواتب وسياسة عملية للتحكم في الإنفاق ووضع حد للتبذير. وأضاف في قراءة شخصية للقرارات المعلن عنها، أنه من الضروري العودة للمجلس الشعبي الوطني لمناقشة التوجه الجديد في تدبير الشأن العام. وطالب فيلالي غويني، رئيس “تكتل الجزائر الخضراء”، الحكومة بالتوقف عن سياسة مخاطبة ممثلي الشعب بالبيانات، ودعاها لتقديم بيان للسياسة العامة، وإطلاق حوار مع الشركاء الاجتماعيين والسياسيين، لأن المرحلة، مرحلة أزمة، تتطلب شفافية في القرار، وتوضيح مدى خطورة الوضع. وتعتزم الحكومة تقديم حصيلتها، حيث صرح وزير العلاقات مع البرلمان، الأسبوع الماضي، للإذاعة الوطنية، “إنه لا يوجد ما يمنع الوزير الأول من الرد على أسئلة النواب”، مضيفا أن الوزير الأول عرض مخطط حكومته أمام البرلمان، وسيقدم قريبا حصيلة عمل الحكومة. ولم يقدم سلال، منذ توليه منصبه في سبتمبر 2012، حصيلة حكومته، مكتفيا بتقديم مخططي عمل وصفا بإعلان نيات في حينه.