جاء اعتقال السلطات السويسرية لسبعة مسؤولين في الفيفا بزوريخ اليوم للاشتباه في تلقيهم رشاوي تفوق الملايين من الدولارات ليضاف إلى سلسلة كبيرة من الفضائح المتتالية التي تضرب الهيئة المسيرة للعبة الأكثر شعبية في العالم. الثروة المالية ل"الفيفا" نجدها تفوق ميزانيات دول بأكملها، حيث ارتفعت إيراداتها في السنوات الأخيرة بشكل رهيب نتيجة احتكارها لجميع المسابقات الكروية الهامة، ما جعل حجم الميزانية يتضاعف إلى 10 أمثال حجمها خلال الفترة الممتدة من 1995 إلى 1999 والتي كانت تقدر ب 257 مليون دولار فقط.
وكان المدير المالي للاتحاد الدولي لكرة القدم "ماركوس كوتنر" قد صرح أمام المؤتمر العام للاتحاد أن ميزانية الفيفا للفترة من 2015 إلى 2018 ستبلغ 5 مليارات دولار، ومن المرتقب أن يحقق الاتحاد خلال هذه الفترة إيرادات بقيمة 3, 2 مليار دولار من التسويق وتذاكر المباريات و7, 2 مليار دولار من بيع حقوق البث التلفزيوني للبطولات التي ينظمها الاتحاد، ويتوقع الاتحاد تحقيق فائض قدره 100 مليون دولار قبل حساب الضرائب على أن يحقق فائضا بعد حساب الضرائب عام 2018.
هذا الكم الكبير من الأموال الذي تجنيه الفيفا جعل الإشاعات تتوارد بين الحين والآخر عن قضايا فساد يتورط فيها مسؤولون في الفيفا، حيث تتم صفقات مالية تحت الطاولة، إضافة إلى تسجيلات تناقلتها وسائل إعلام مختلفة تضمنت شبهات مالية ورشاوى مقابل أصوات في الانتخابات أو ما شابه. ولعل أكبر فضيحة ضربت الفيفا وكادت أن تعصف برئيسها القوي جوزيف بلاتر هي التي كشفتها مجلة "التلغراف" اللندنية بعد تحقيق عميق عن تورط رئيس الاتحاد الآسيوي آنذاك القطري محمد بن همام في تقديم رشاوي لأعضاء اللجنة التنفيذية في الفيفا لدعم الملف القطري لاستضافة كاس العالم 2022، حيث تم اكتشاف حوالات مصرفية بقيمة مليون و 200 ألف دولار ذهبت لحساب جاك وارنر ونجله مقدمة من شركة بن همام، ما جعل بلاتر يضحي بصديقه القديم ويقصيه من ممارسة أي مهام رياضية مدى الحياة.
ورغم استمرار مسلسل الفساد الذي تعرفه الفيفا وازدياد الشبهات التي تحوم حول جوزيف بلاتر وكل الاتهامات التي طالته، وتعالي الأصوات المطالبة بتنحيته بينها شخصيات كروية معروفة، إلا أن العجوز السويسري بقي صامدا طيلة 16 سنة على رأس الفيفا، بل أن صاحب 79 سنة ترشح للظفر بعهدة خامسة، وحسب المتتبعين لن يقف في وجه الرجل القوي أي منافس في سعيه للاستمرار على قمة هرم الفيفا لأربعة سنوات أخرى.