أفاد عبد القادر مساهل، وزير الشؤون المغاربية والاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية، بأن “القضاء النهائي على الإرهاب في الجزائر يشكل أولوية دائمة وانشغالا مستمرا”، وأعلن أن الجزائر بصدد إنشاء مرصد وطني مكلف بمكافحة التشدد الديني، كتتويج للتجربة الجزائرية في اجتثاث التطرف الديني. عرض عبد القادر مساهل، أمام الدول الحاضرة في الندوة الدولية حول “مكافحة التطرف العنيف واجتثاثه”، التي بدأت أشغالها أمس بقصر الأمم وتستمر إلى اليوم، معالم التجربة الجزائرية في محاربة التطرف كأحد أهم روافد الإرهاب، وذلك بناء على طلب من الأممالمتحدة في الندوة التي احتضنتها واشنطن في 19 فيفري الماضي. وطالب مساهل، الذي كان يتحدث أمام ممثلين لدول مجلس الأمن والساحل والدول العربية وبعض المنظمات الدولية، ب”التمييز بين الإسلام كديانة سلم وتسامح وانفتاح، وبين التطرف بمختلف أشكاله بما في ذلك الإرهاب”. وذكر بهذا الخصوص أن التجربة الجزائرية على الصعيد الديني هدفت إلى الحفاظ على المرجعية الدينية من الأفكار الهدامة”. وإلى جانب ذلك، قال مساهل إنه “تم إعادة تنظيم إدارة الفتوى، فيما يرتقب إنشاء مرصد وطني مكلف بمكافحة التشدد الديني وكذا تأسيس أكاديمية لعلوم الفقه”. وراعت الجزائر، بحسب مساهل، التمسك بالقيم الإنسانية في محاربتها التطرف، فإذا كان “اللجوء إلى القوة يجيزه القانون في المفهوم الأمني لمحاربة العنف الإرهابي، فإن استعمال هذه الوسيلة لا بد أن يتقيد باحترام حقوق الإنسان”.
وانطلاقا من التجربة الجزائرية، قال مساهل إن “محاربة التطرف العنيف مسألة تقع على عاتق كافة شرائح المجتمع.. وتتطلب سياسات حاسمة على المدى الطويل”. وساق الوزير في ذلك مثالا عن “التدفقات المتضاعفة للمقاتلين الإرهابيين الأجانب”، وقال إنها “تعتبر مؤشرات أكيدة للطابع الاستعجالي لتجفيف المنابع الجديدة لتجنيد وتمويل الجماعات الإرهابية”. وفي هذا الموضوع الذي يهم كثيرا من الدول الغربية والعربية التي انتقل منها شباب للقتال في سورياالعراق، أوضح مساهل أن “الحل الواجب للتكفل بالمقاتلين الإرهابيين العائدين من مناطق النزاع، لا بد أن يبتعد عن الحلول التي تعتمد على تحويل هذا التهديد إلى بؤر نزاع أخرى”، وذلك في إشارة إلى رفض الجزائر الحلول العسكرية في مناطق التوتر. وتناول الوزير مساهل العمليات الإرهابية التي لا تزال تضرب الجزائر رغم كل تلك الجهود التي استعرضها، بالإشارة إلى أن “القضاء النهائي على الإرهاب في الجزائر يشكل أولوية وانشغالا مستمرا، وإذ يتواصل تسجيل نجاحات مبهرة ضمن هذا المسعى، فإن بعض تجليات العنف الإرهابي تظهر على نحو متفرق كالاعتداء الذي طال تيڤنتورين أو العملية الإرهابية منذ أيام في عين الدفلى”.
ورغم الطابع الهام للندوة، إلا أنها لم تحظ بتمثيل عالي المستوى من الدول الحاضرة، حيث اختارت كثير من الدول المشاركة بسفرائها إلى جانب خبراء مختصين. وشوهد من السفراء الأمريكية جوان بولاشيك التي كانت تجلس بجانب السفير الفرنسي برنار إيميي، بالإضافة إلى السفير المصري عمر أبو العيش، أما المغرب فاختار المشاركة بمدير الشؤون الدينية. وعدا كلمات الوزير مساهل والمفوض الإفريقي للسلم والأمن ورئيسة البعثة الأمريكية التي كانت علنية، جرت بقية الورشات التي تناولت 8 مواضيع على علاقة بالتطرف في جلسات مغلقة، وهو ما أثار تعليقات مستغربة من هذا السلوك، خاصة أن هذه المحاضرات يلقيها خبراء بغية التوعية واستهداف أكبر قدر ممكن من الرأي العام.