أُطلقت في باريس عريضةٌ إلكترونية تطالب بوصف الاستعمار ب "الجريمة في حق الإنسانية"، وهي بشكل من الأشكال تعتبر عريضة مساندة لإيمانويل ماكرون، معتبرة النقاش الذي تواتر عن تصريحاته بعد زيارته للجزائر بغير اللائق وبالشتيمة في حق البلدان المستعمرة. ما يزال الجدل الذي صاحب تصريحات المرشح الفرنسي للرئاسيات إيمانويل ماكرون مثارا في فرنسا، على إيقاعات مؤيدة تارة ومعارضة تارة أخرى، وأطلق الأربعاء كلودي سيار، مقدم بقناة "أر أف إي" ومنتج سمعي بصري ومنشط حصة "ذو فويس آفريك فرانكوفون"، عريضة إلكترونية تعتبر أن "سيطرة شعب على شعب آخر" هي مساس بالكرامة وجريمة في حق الإنسانية. ورغم حداثة العريضة التي لم يمر على إطلاقها سوى يوم واحد إلى غاية أمس الخميس، فإن عدد الموقعين تجاوز 2400 توقيع. وقال كلودي سيار إن "الغاية من العريضة إرسالها إلى الأممالمتحدة.. وإذا لم يكن الاستعمار جريمة في حق الإنسانية فإن نهب ثروات شعب ما حتى وإن لم تستغل لا يُعد جريمة أيضا.. وإذا لم يكن الاستعمار جريمة في حق الإنسانية فإن التعذيب ليس جريمة.. وإذا كان الاستعمار لا يعد جريمة في حق الإنسانية فإن الاغتصاب ليس جريمة". وانتقدت العريضة النقاش الذي صاحب تصريحات إيمانويل ماكرون إلى الجزائر، فيما بدا أن خصوم الشاب صاحب 39 سنة شكلوا وقود "حرب شعواء" ضد وصوله إلى قصر الإليزيه، حيث أوردت أن الأشخاص "المسموح لهم" بالتعبير عبر وسائل الإعلام الفرنسية حول الفعل الاستعماري يركزون على الجزائر أو "كيف للمعمرين الفرنسيين بالجزائر أن يعتقدوا بصفة شرعية أن هذه الأرض هي أرضهم دون التآخي مع الأهالي؟"، داعيا الدول إلى سن قوانين واعتماد نص يصف الاستعمار ب "الجريمة في حق الإنسانية". أكثر من ذلك، شكلت العريضة ما يمكن فهمه على أنه مسعى لتخليد ضحايا الاستعمار الهمجي الذي أفردت به باريس قانونا يمجده، في ظل ردود أفعال محتشمة في الداخل الجزائري، عندما أوصت أيضا بتأسيس يوم رسمي للترحم على أرواح جميع ضحايا الاستعمار. وكانت جمعيات تمثل الأقدام السوداء رفعت، نهاية فيفري المنصرم، دعوةً قضائية ضد مرشح الانتخابات الرئاسية الفرنسية إيمانويل ماكرون بتهمة "الإهانة" بعد تصريحاته التي وصف فيها الاستعمار الفرنسي للجزائر بالجريمة ضد الإنسانية. وقال رئيس الجمعية تيري رولاندو "تصريحات إيمانويل ماكرون جرحت عددا لا يحصى من فرنسيي الجزائر والحركى، لقد تلقيت الآلاف من الرسائل عبر البريد الإلكتروني، هناك حالة غضب كبيرة". وأعلن رئيس الجمعية التي تضم 10 آلاف منخرط أنه اضطر لتقديم شكوى بسبب "الإهانة" التي تعرض لها الأقدام السوداء. وأضاف تيري رولاندو "تصريحات ماكرون في الجزائر معناها أن الأقدام السوداء والحركى كانوا أدواتٍ لهذه الجريمة، وإذا كانت هناك جرائم فكيف نسمي مقتل 100 ألف حركي؟ لا يجب أن يكون اعتذار في اتجاه واحد". وكان وزير الاقتصاد الفرنسي السابق قد صرح خلال زيارته إلى الجزائر منتصف هذا الشهر "إن التسوية هي جزء من التاريخ الفرنسي. إنها جريمة، هي جريمة ضد الإنسانية، بل هي الهمجية الحقيقية، إنها جزء من الماضي الذي يجب أن نواجهه".