تنطلق، غدا، الاحتجاجات عبر الجامعات والإقامات الوطنية على غرار الإضراب المفتوح الذي سيدخل فيه طلبة إقامات العفرون بالبليدة، في الوقت الذي تستنفر التنظيمات الطلابية ونقابات الأساتذة والباحثين قواعدها خلال هذه الأيام من أجل العودة إلى ساحة الاحتجاج بعد نهاية الامتحانات، على أن تنطلق وطنيا مطلع شهر فيفري لتجديد المطالب حول تحسين الوضعية الاجتماعية والبيداغوجية للطلبة والأساتذة والتنديد بسياسة التضييق واستعمال العدالة في أي حراك عبر المؤسسات الجامعية. فالتنظيمات الطلابية التي وإن اختلفت توجهاتها إلا أن قاسمها المشترك هذه المرة هو أن الوضع عبر الجامعات أصبح لا يطاق، حسب أمنائها العامين، والسبب هو تعنت رؤساء الجامعات ورفضهم التعامل مع ممثلي الطلبة وتهديدهم في كل مرة بمجالس التأديب والعدالة، الأمر الذي يجعل خيار العودة إلى الاحتجاجات أمرا حتميا. الأمين العام للمنظمة الوطنية للطلبة الجزائريين، فارس بن جغلولي، ذكر ل"الخبر" استعدادهم التام لشن حركات احتجاجية مختلفة عبر الجامعات والإقامات الوطنية، وهم ينتظرون انتهاء الامتحانات التي يجتازها حاليا الطلبة لمباشرة حراكهم، حيث ستنطلق، اليوم، عبر الإقامة الجامعية العفرون 1 و2 و3 بعد عقد فرع المنظمة بالإقامات اجتماعه نهاية الأسبوع الماضي وتوصله إلى ضرورة الدخول في حركة احتجاجية مفتوحة إلى غاية تسوية الوضعية، ويتعلق الأمر، حسبه، بمشاكل متعددة يتخبط فيها قرابة 7 آلاف طالب مقيم، على غرار النقل والوجبات المقدمة وانعدام الأمن والتماطل في صيانة الأجهزة، وهي الاحتجاجات التي لن تتوقف إلا بتسوية شاملة. شرارة الاحتجاجات ستشمل باقي الجامعات والإقامات، يقول بن جغلولي، وستكتسي طابعها الوطني مطلع فيفري والأسباب، حسبه، متعددة ومختلفة، لأن حتى مطلب الحوار الذي تمسكوا بها في السابق لم يعد يهمهم مادام الحوار مع الوزارة لا يتعدى الظهور الإعلامي للوزير وتسويقه لصورة أنه يلتقي بالشركاء الاجتماعيين في حين الوضع بالجامعات أقل ما يقال عنه إنه كارثي. والتضييق الذي طالهم عبر الجامعات تجاوز كل الحدود، لأن رؤساء الجامعات أصبحت المتابعات القضائية سبيلهم الوحيد للضغط على التنظيمات بهدف تخويف الطلبة، وهي سياسة أججت الوضع أكثر وجعلت الطلبة يطالبون بضرورة الانتفاضة لإجبار رؤساء الجامعات ومديري الخدمات الجامعية على إحداث نهضة في القطاع. أما الأمين العام للطلابي الحر، سمير عنصل، فأكد ل"الخبر" أن مطالب الطلبة بقيت عالقة منذ الدخول الجامعي، فمن الجانب البيداغوجي هناك نقص في التأطير بالكثير من الجامعات واكتظاظ داخل الأفواج. كما تحدث عنصل عن التوزيع غير العادل لمناصب التوظيف أو تحويل الأساتذة بين الجامعات، ما يضطر إلى الاستعانة بالأساتذة الذين يعملون بالساعات الإضافية وغالبيتهم إن لم يكن جلهم يحملون فقط شهادة الماستر وهذا ما يؤثر سلبا على التحصيل العلمي للطلبة، بالإضافة إلى نقص الأساتذة المؤطرين للسنوات الأخيرة المتخرجين المقبلين على إعداد مذكرة التخرج ونقص المخابر. وشدد المتحدث على ضرورة إعادة النظر في توزيع التخصصات عبر الجامعات وعقد اتفاقيات مع المؤسسات الاقتصادية حتى تعطي فرصة للطلبة للتربص، مع توفير الوسائل اللازمة للطلبة المقبلين على التخرج، وضرورة فتح الحوار مع الطلبة والشركاء الاجتماعيين، فبعض رؤساء الجامعات مازال الوصول إلى مكتبهم حلما يتعدى حلم الوصول إلى وزير القطاع، يضيف ممثل الطلابي الحر. أما على الصعيد الاجتماعي، فتحدث عنصل عن الخدمات الجامعية وقال: "إلى يومنا هذا ونحن في 2019 لم تستطع الإقامات الجامعية وضع حد لرداءة الإطعام"، يضاف لها نقائص أخرى كغياب التدفئة في هذا الفصل البارد بمعظم ولايات الوطن وغياب مخطط للنقل جعل الطلبة تائهين يوميا في رحلة بحثهم عن النقل الجامعي، وهو ما يعيد مطلبهم إلى الواجهة حول اختيار أكفاء ممن ينصبون على رأس الخدمات الجامعية. والتحالف من أجل التجديد الطلابي الوطني أعلن، هو الآخر، استنفار قواعده من أجل الدخول في حركة احتجاجية مرتقبة للتنديد بالسياسة التي تنتهجها إدارة الجامعات والإقامات الجامعية ضد التنظيمات الطلابية والتضييق الممارس في ظل استمرار نفس الأوضاع التي سبق وكانت شرارة لانطلاق احتجاجات الطلبة. في المقابل، ينتظر الأساتذة انتهاء مرحلة الامتحانات. وحسب تصريحات المنسق الوطني لمجلس أساتذة التعليم العالي "كناس"، عبد الحفيظ ميلاط، فإن المصلحة العامة فرضت عليهم الهدنة خلال مرحلة الامتحانات، إلا أنه بمجرد انتهاء الرزنامة مع نهاية جانفي سيتم عقد مجلسهم الوطني مطلع فيفري المقبل الذي سيكون فرصة لتدارس كل الوضعيات وجميع الخيارات، خاصة أن مطالب الأساتذة تبقى عالقة، في الوقت الذي تفضل الوزارة سياسة التجاهل وغلق قنوات الحوار للتفاوض حول أرضية المطالب. الحراك نفسه يحضر له الباحثون الدائمون الذين أكدوا في اجتماعهم الأخير على أهمية التصعيد مع الوزارة بعد اعتصام ديسمبر الماضي، والنقابة ستجتمع قريبا لتحديد تواريخ وأشكال الاحتجاجات من أجل إجبار الوزارة على تسوية وضعية الباحثين العالقة، مع العلم أن باقي العمال بالجامعات هددوا بدورهم بالالتحاق بالحراك الجامعي، على غرار ما يحدث بجامعة بوزريعة التي انتفض عمالها منذ أكثر من أسبوعين.