اختفت، أمس، الكثير من الشعارات التي كان يرددها المتظاهرون في الجمعات السابقة في وهران. كما لاحظ المشاركون في مسيرة الجمعة الثامنة حضور بعض الوجوه غير المألوفة، لكن لا أحد طردها أو أذاها، وهي الوجوه المعروفة في المدينة بانتمائها إلى “أحزاب الكاشير”، كما قال عنهم أحد المداومين على المسيرات منذ 22 فيفري الماضي. فقد مشى، أمس، في وهران، مناضلون معروفون في أحزاب “الموالاة” ومنهم مسؤولون “كانوا سامين” في الإدارة المحلية، “فازوا بالمناصب” بفضل مساهماتهم المستمرة في مداومات “الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة”. وإن لم يرفعوا لا رايات وطنية ولا لافتات تطالب برحيل “النظام” أو “الباءات”، إلا أن حضورهم كان لافتا ولم يقترب منهم الناس لإسماعهم كلاما جارحا أو غيرها، لكن يبدو أن عملية “تعويم” المسيرات انطلقت بإيعاز ما. ولاحظ المشاركون في مسيرة الجمعة الثامنة، أيضا، أن مناضلي حركة مجتمع السلم غيروا “منهجهم”. فقد كانوا يسيرون في مربعاتهم، يتقدمهم قياديوهم، دون أن ينفردوا عن المسيرات بشعارات خاصة بهم، لكنهم تفرقوا في مسيرة نهار أمس ومشوا مع بقية المتظاهرين. ولقد بدأ المشاركون في المسيرة يتجمعون في ساحة أول نوفمبر منذ منتصف النهار تحت حراسة أمنية مشددة، حيث تموقع أعوان شرطة مكافحة الشغب أسفل مقر بلدية وهران، بينما احتشد الناس عند مدخل مسرح عبد القادر علولة. وبمجرد انتهاء صلاة الجمعة بدأت الحشود تتوافد على الساحة، لتنطلق عبر شارع العربي الأمير عبد القادر. وبعد “الوقفة التقليدية” أمام محافظة حزب جبهة التحرير الوطني وترديد الشعارات المعتادة “أفلان ديڤاج”، سار الموكب عبر شارع العربي بن مهيدي، وكان الموكب الأول المتشكل في ساحة بن عبد المالك رمضان قد انطلق نحو مفترق طرق الشهيد أحمد زبانة، لتتلاحق بعدها السيول البشرية في نفس الاتجاه وتشرع حوامة الشرطة في التحليق فوق سماء وهران. وتميزت مسيرة أمس باختفاء أحد أهم الشعارات التي كانت ترددها الحناجر في المسيرات السابقة “جيش شعب خاوة خاوة”، لتحل محلها شعارات منادية برحيل “ڤايد صالح” صراحة، مع رحيل كل رموز النظام الذين رفع المتظاهرون صورهم. وطافت المسيرة بمسارها المعتاد نحو مقر الولاية، ومنه إلى شارع جبهة البحر، في حين توجهت مجموعة من المشاركين إلى مقر محطة وهران للتلفزة العمومية للمرة الثالثة لترديد شعارات التنديد بالتعتيم الإعلامي الذي تمارسه، ونال عبد القادر بن صالح هو الآخر “قسطه” من الشعارات المناهضة لتوليه منصب رئيس الدولة، بينما خرج آلاف المتظاهرين من شباب وشيوخ ونساء وأطفال إلى الشارع بمستغانم للجمعة الثامنة في مسيرة سلمية ضد تثبيت بن صالح في منصب رئيس الدولة، بعدما صادق نواب أحزاب الأغلبية على شغور منصب رئيس الجمهورية. وانطلقت المسيرة السلمية من ساحة البلدية مرورا بشارع محمد خمسيتي وتوقفت مطولا أمام مقر الولاية لتصل إلى وسط المدينة، حيث أقيم تجمع ضخم رفع فيه المشاركون لافتات ورايات وطنية، منددين ب”الباءات الثلاثة” ومطالبين برحيلهم مع ترديد شعار “السيادة حاليا سيادة الشعب”، كما طالبوا الجيش بمواصلة دعمه لمطالب الشعب تنفيذا لالتزاماته التي سبق أن قطعها على نفسه، كما رفض المحتجون خريطة الطريق التي تقرها المادة 102 من الدستور واعتبروها محاولة لكسر الحراك الشعبي والعمل على بقاء رموز النظام. وضرب، أمس، آلاف مواطني سيدي بلعباس موعدا بساحة أول نوفمبر بوسط المدينة مباشرة بعد صلاة الجمعة، قبل أن يسيروا وسط أجواء صاخبة صوب مختلف الشوارع الكبرى للتعبير عن رفضهم المطلق للمستجدات السياسية التي طرأت على الساحة هذا الأسبوع. وقد أخذ بن صالح ومعه بدوي وبلعيز حقهم من الذم، من خلال شعارات قوية رددها الآلاف، قبل أن يطلق العنان للحناجر لترديد عبارات “ماكانش السماح تروحو ڤاع للحراش”، في إشارة ضمنية إلى المكان الذي يليق ب”العصابة”. وانطلقت مسيرة أمس في حدود الساعة الثانية و40 دقيقة من ساحة “كارنو” صوب شارع الجمهورية ومن ثم إلى جادة “المقطع”، لتعود السيول البشرية لتحط الرحال بساحة أول نوفمبر بعدما التحق بها المئات ممن كانوا على أهبة الوصول إلى موقع الحراك. وكان الشعب قد بعث، أمس، بالعديد من الرسائل الواضحة العاكسة لذلك الاحتقان الذي أضحى يميز يوميات المواطن بمرور الأسابيع، على غرار هتافات “يا نظام يا كاذب إن شاء الله غير تتحاسب”، “يا نظام الفساد يا نظام الرشوة والمحاباة والعلاقات همشتو الكفاءات”، إضافة إلى “يا نظام يا غدار بعت البلاد بالدولار”. وفي معسكر خرج آلاف المواطنين في الجمعة الثامنة تواليا للحراك الشعبي، مطالبين برحيل النظام وجميع رموزه عن إدارة المرحلة الانتقالية. كما ردد المحتجون الذين احتشدوا في ساحة الأمير عبد القادر وسط المدينة رافعين الرايات الوطنية وشعارات “السيستام ديڤاج”، “الله الله يا بابا جينا انحو العصابة”، “نريد دولة الحق والقانون ودولة ديمقراطية”، “لا لحكم العصابة”، “نريد بناء دولة وليس تحطيمها”، “لا لحكومة العار”، “لا لبقايا النظام السابق”، “الشعب مصدر السلطة”. كما اعتبر المحتجون خارطة الطريق التي سطرها بقايا النظام البوتفليقي مرفوضة وأكدوا أن رئيس الدولة المنبوذ مرفوض شعبيا وخرق الدستور، كما دعت مجموعة من المثقفين والمحامين والأساتذة الجامعيين إلى مقاطعة الانتخابات الرئاسية المقبلة، وجدد المحتجون مطالبتهم برحيل “الباءات الثلاثة”، بينما لم يتأخر مواطنو تيارت في الخروج في مسيرة حاشدة للجمعة الثامنة على التوالي، انطلقت من أحياء مختلفة، مرورا بنفق “الرجينة” كما جرت العادة، لتتجمع السيول البشرية بساحة الشهداء التي غصت بالمتظاهرين رفضا لتعيين بن صالح رئيسا للدولة وللمطالبة برحيل بقايا النظام والعصابة. وشهد التجمع رفع شخص شعارا رافضا استقالة الرئيس وسط الآلاف من المواطنين دون أن يعترضه أحد، وهي المسيرات نفسها التي شهدتها عاصمة الولاية تيسمسيلت المجاورة، التي خرج فيها آلاف المتظاهرين ورددوا شعارات مناوئة لعبد القادر بن صالح ومطالبة الجيش بالوفاء بتعهداته بمرافقة الحراك الشعبي وترحيل “العصابة”. بدورهم، خرج سكان مدينة عين تموشنت في مسيرة سلمية حاشدة جابت مختلف شوارع المدينة، رفعوا فيها نفس مطالب المتظاهرين في بقية ولايات الوطن. وسار أيضا سكان مدينة تندوف للجمعة الثامنة، وهو ما فعله أيضا سكان بشار التي غصت شوارع وسط مدينتها بالمتظاهرين. من جهتها، عاشت مدينة الشلف جمعة صاخبة بالنظر إلى الأعداد الهائلة للمواطنين الذين نزلوا إلى الشوارع للتظاهر ضد تنصيب عبد القادر بن صالح على رأس الدولة ورفض المشاركة في الانتخابات التي حدد تاريخها.