عكس خطاباته السابقة، قدم رئيس الدولة عبد القادر بن صالح أمس، أشياء ملموسة في انتظار تقديم آليات وضمانات كفيلة بكسر جدار الريبة في نفوس الجزائريين زرعتها عقود من التسيير بعيدا عن الشرعية الشعبية. الخطاب في بدايته كان كالعادة لغة الخشب المعتادة، غير أن في شقه المتعلق بالأزمة الدائرة الآن، حمل الجديد عكس الخطابات السابقة. اقترح إسناد حوار وطني لشخصيات وطنية وتاريخية يتمخض عنه هيئة تشرف على الانتخابات مع إمكانية تعديل قانون الانتخابات يمكن اعتباره أهم اقتراح قدمته السلطة منذ بداية الحراك يوم 22 فيفري. ويظهر جليا هنا تمسك السلطة بتنظيم انتخابات رئاسية ورفض أي مرحلة انتقالية خارج ما يقتضيه الدستور. لكن إن تمعنا في المقترحات وإن سلمنا بالنية الصادقة للسلطة في المضي في تطبيق ما اقترحته يمكن القول أننا سنعيش مرحلة انتقالية غير معلنة، لحفظ ماء وجه السلطة. يبقى أن اقتراح بن صالح سيواجه عقبتين هامتين، الأولى من وكيف يتم تعيين الشخصيات الوطنية لإدارة الحوار الشامل؟ أما الثانية فهي كيف يتم إقناع الشارع بحسن نية السلطة بعد أسابيع من ربح الوقت ومحاولة الالتفاف حول مطالب الحراك؟. بالنسبة للثانية إظهار حسن النية يمكن أن يمر عبر استقالة حكومة بدوي وتعيين شخصية توافقية مكانه وتشكل حكومة تيكنوقراط، فاستقالة حكومة بدوي المرفوضة يمكن أن يكون عاملا بسيكولوجيا محفزا أو "ديكليك" يساهم في خفض الضغط في البلاد لتتضح الرؤية أحسن. كما يمكن للسلطة تبيان حسن النية بالإفراج عن المسجونين خلال المسيرات وآخرين مثل المجاهد لخضر بورڤعة وهو مطلب سرعان ما انتشر وسط نشطاء وفي مواقع التواصل الاجتماعي عقب خطاب بن صالح.