باشرت الحكومة الجديدة بقيادة الوزير الأول عبد العزيز جراد مهامها في ظرف اقتصادي ومالي صعب جدا لم تشهده البلاد منذ أكثر من 15 سنة، وهو الأمر الذي أكده آخر تقرير مالي وضع على طاولة الوزير الأول، تم الكشف فيه عن تهاوي احتياطات الصرف إلى ما قيمته 60 مليار دولار نهاية العام الماضي، ما لا يكفي لتغطية سنتين من احتياجات الجزائريين المستوردة. وتأتي هذه الأرقام لتعكس قيمة الأموال الطائلة التي بددتها الحكومات المتعاقبة زمن بوتفليقة، حيث ضيعت ما قيمته 134 مليار دولار من احتياطات الصرف في ظرف 6 سنوات فقط، بعد أن بلغت ما قيمته 194 مليار دولار سنة 2013، لتتآكل نهاية 2019 إلى ما قيمته 60 مليار دولار فقط. وبهذا ستجد حكومة جراد نفسها بين نارين: نار تدفعها للاستعجال في تنفيذ وعود رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون بخصوص تحسين القدرة الشرائية للمواطنين، والثانية تجعلها تصطدم بواقع مر هي غير مسؤولة عنه، بعد أن تفاقم عجز الميزانية ليرتفع إلى حوالي 13 مليار دولار، وتراجعت مداخيل عائدات الغاز والبترول بأكثر من 13%. وأمام الوضع الاقتصادي المتأزم، لن تتعدد خيارات الحكومة للخروج من الأزمة، حيث سيبقى تجسيد وعود الرئيس تبون مرهونا بتقلبات سعر البرميل أو التعجيل في الذهاب إلى الاستدانة الخارجية التي رسمت في قانون المالية ل2020، خاصة بعد تجميد سياسة التمويل غير التقليدي، وذلك في ظل غياب قاعدة صناعية متينة على المدى القصير تحد من التبعية للمحروقات. وتوقع قانون المالية لسنة 2020 عجزا بنحو 7% بقيمة مالية تقدر ب1533 مليار دينار (نحو 12 مليار دولار). ويستمر العجز المسجل في الميزان التجاري والخدمات بما قيمته 10 ملايير دولا، ما يؤثر بصفة سلبية على احتياطات الصرف التي ستصل حسب توقعات سنة 2020 إلى قرابة 52 مليار دولار نهاية السنة. وكان وزير المالية السابق محمد لوكال قد توقع أن تنزل احتياطات الصرف نهاية هذه السنة إلى 51.6 مليار دولار، وهو ما سيؤثر على التوازن المالي الداخلي للبلاد.