"الإرهاب يُدمّر الثقافة والحضارة والإسلام بريء منه" أكّد رئيس المجلس الأعلى الإسلامي بالكاميرون، الشّيخ عمرو مالم جبرينغ، أنّ دستور الكاميرون يقرّ بالحرية الدّينية للمسلمين ولا يمنع نشر الدّعوة إلى الإسلام، مشيرًا إلى أنّ لهيئته دور كبير في نشر الإسلام، ومستنكرًا الأعمال الإرهابية لبوكو حرام الّتي تحاول تشويه صورة الدّين الإسلامي الحنيف. وقال في حوار خصّ به “الخبر”، إنّ الشّعب الكاميروني المسلم يعتمد رواية ورش في قراءة القرآن الكريم ومذهب الإمام مالك في الفقه. داعيًا المجلس الإسلامي الأعلى ووزارة الشّؤون الدّينية الأوقاف والجامعات الإسلامية في الجزائر إلى التّنسيق مع هيئته.
هل يمكنك إعطاء القارئ لمحة تاريخية عن دخول الإسلام إلى الكاميرون؟ دخل الإسلام إلى الكاميرون عبر التجارة وقوافلها الّتي كانت تأتي من الشمال، حيث استقرّت جماعات من شعب الفولاني المسلم في المناطق الشمالية من الكاميرون واحترفوا التجارة وكوّنوا مجتمعات إسلامية بهذه البلاد. وحدّدت في هذه المرحلة بداية توغّل الإسلام من شمال الكاميرون إلى وسطه. وبسط الإسلام نفوذه على حوض نهر بنوي والهضبة الوسطى من الكاميرون في النصف الأوّل من القرن التاسع الميلادي واستمرّت حركة انتشار الإسلام حتّى عمّ وسط الكاميرون. وساهم العديد من الدعاة المحليين في نشر الإسلام بالكاميرون. ما مدى إقبال مسلمي الكامرون على تعلّم لغة القرآن؟ يتعلّم المسلمون في الكاميرون اللغة العربية في المدارس القرآنية وفي الكتاتيب، كما يتعلّمون القرآن الكريم والفقه الإسلامي. وماذا بشأن تعليم العلوم الشّرعيّة الأخرى؟ أغلبية المسلمين في الكاميرون يقرؤون القرآن الكريم برواية الإمام ورش، ونعتمد مذهب الإمام مالك بن أنس رضي الله تعالى عنه. وفي وقتنا الحاضر، سافر الكثير من الطلاب إلى بلاد المسلمين وتعلّموا شتى العلوم، وعادوا إلى وطنهم لتعليم الدّين الإسلامي. هل للمجلس الأعلى الإسلامي دور في نشر الإسلام أم أنّه ينسق بين الدولة والمؤسسات الدعوية؟ للمجلس الأعلى الإسلامي في الكاميرون دور كبير في نشر الإسلام. وأقوم منذ سنة 1988م بتقديم البرنامج الإسلامي في الإذاعة الحكومية، وأيضًا أشارك في البرنامج الإسلامي في التلفزيون الحكومي، ولنا علاقات مع المؤسسات الدّعوية. هل لديكم الحرية في نشر الإسلام؟ نعم، لدينا الحرية الدّينية في الكاميرون، وأيّة جمعية أو مؤسسة تعمل بإذن الحكومة. إلّا أنّ أساس الدستور هو علمانية الدولة، أي ليس للدولة دين، ولا توجد لدينا وزارة للشّؤون الإسلامية والأوقاف، وإنّما يوجد لدى الحكومة وكيل الوزير الخارجي المسؤول عن العلاقات مع الدول الإسلامية. كما أنّنا لسنا موظفين لدى الدولة. هل تدعّمكم الحكومة الكاميرونية؟ وما نوع هذا الدّعم؟ كما قلت دولة الكاميرون لا تمنعنا من الدّعوة إلى الإسلام، ولا نواجه صعوبات في ذلك، ونعرض للنّاس الإسلام الوسطي الصّحيح، من خلال الجمعيات الإسلامية، حيث يوجد بالكاميرون المجلس الأعلى الإسلامي، ولجنة ترجمة القرآن الكريم، والجمعية الثقافية، وجمعية الكاميرون الإسلامية الّتي تأسّست في سنة 1963، وتوجد عشرات المدارس الابتدائية والإعدادية، تعلّم باللغتين العربية والفرنسية، وكلّها تهتم بتعليم الدّين الإسلامي الحنيف. الإرهاب يهدّد عديد الدول الإفريقية، ما خطورته؟ دولة الكاميرون تحارب إرهاب بوكو حرام، لأنّ هؤلاء الإرهابيين يقتلون الأبرياء ويسفكون الدّماء دون وجه حقّ، وقد شوّهوا صورة الإسلام، وديننا ضدّ الإرهاب والأفكار المتطرفة. وللأسف بوكو حرام، موجودة في نيجيريا وبالقرب من حدود بلادنا، إلّا أنّ القوات الكاميرونية انتصرت على هؤلاء المجرمين واستطاعت وقف تمدّدها، وما زالت الحكومة تحاربهم لأجل نشر الأمن والاستقرار وإشاعة السّلام في وطننا. وكيف تتعاملون معه؟ الإرهاب يدمّر الثقافة والحضارة في بلادنا، وأفكارهم ضالة، والإسلام بريء منهم، لذا نحاربهم فكريًا بنشر الدّين الإسلامي الوسطي المعتدل والردّ على تطرّفها، كما نسعى لنشر ثقافة السّلام في المجتمع الّتي تبدأ من الأسرة، والمؤسسات المعنية بذلك من مدارس ومكاتب تحفيظ ودور عبادة على كلّ المستويات، ومن الضّروري تكاتف جهود القادة السياسيين والدّينيين والبرلمانيين، والإعلاميين والأكاديميين، لنشر الأمن والسّلام في الأرض. كيف تتعاملون مع ظاهرة فوضى الفتاوى؟ فوضى الفتاوى موجودة في الكاميرون كما في جميع دول العالم، إلّا أنّ لجنة العلماء في المجلس الأعلى الإسلامي تقوم بتنظيمها. هل لديكم تنسيق بين المجلس الإسلامي الأعلى الجزائري أو وزارة الشّؤون الدّينية والأوقاف أو حتّى الجامعات الجزائرية؟ العلاقات الحكومية بين الكاميرونوالجزائر منذ الاستقلال حتّى يومنا هذا جيّدة، إلّا أنّنا نرجو أن نُنسِّق بين المجلس الأعلى الإسلامية في الكاميرون وبين المجلس الإسلامي الأعلى الجزائري ووزارة الشّؤون الدّينية الأوقاف أيضًا وكذا الجامعات الإسلامية في الجزائر.