كشف محامون أنّ استقدام المطلوبين دوليا من طرف العدالة الجزائرية، مرهون بتوفر عدد من الشروط السياسية والقضائية، خاصة في وضع الوزير الأسبق، عبد السلام بوشوارب، الصادرة في حقه أربعة أحكام قضائية غيابية، ب"20 سنة سجنا نافذا" عدا الغرامات المالية. مباشرة بعد استقالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، تحت ضغط الحراك الشعبي، الذي انطلق في 22 فيفري 2019، اعتقل وزراء ومسؤولون اتهموا بالتورط في قضايا فساد، خاصة في قضايا تمويل الحملة الانتخابية، وتركيب السيارات، ومنح امتيازات غير مستحقة لرجال أعمال، على رأسهم كل من علي حداد، ومحيي الدين طحكوت، وصدرت في حق بعضهم أحكام نهائية، فيما لا تزال قضايا أخرى في أروقة المحاكم، ويكون وزير الصناعة الأسبق، عبد السلام بوشوارب، أكثر المسؤولين الصادرة في حقهم أحكام وصلت إلى 80 سنة سجنا نافذا (20 سنة في أربع قضايا) ينتظر أن يطبق عليه أكبرها وفقا للقانون الجزائري، غير أن الأخير، بسبب عدم تواجده في الجزائر، صدرت في حقه مذكرات توقيف دولية، قال محامون وقانونيون إن تطبيقها وإمكانية استلامه من الدول المتواجد فيها، ليس بالأمر الهين، نظرا لاعتبارات سياسية وقانونية. وأوضح المحامي عبد الرحمن صالح ل"الخبر": "إن إمكانية استقدام المطلوبين من طرف العدالة الجزائرية من بلدان أخرى، مرتبطة بأربعة شروط قانونية"، شرحها كالآتي: "أن تكون الدولة التي يتواجد بها المعني بالقبض، قد أمضت على الاتفاقيات القضائية الدولية"، وثاني الشرطين هو: "استعداد الدولة التي يتواجد على أراضيها المطلوب للقضاء للتعاون"، إضافة إلى مبدأ آخر تتعامل به الدول سياسيا، والذي من شأنه أن يؤثر على مدى تنفيذ الإجراء، وهو "المعاملة بالمثل"، موضحا بأن الدولة التي يتواجد بها الشخص الصادر في حقه أمر بالقبض الدولي، تعود إلى علاقاتها السابقة مع الدولة المصدرة للأمر، وفيما إذا كانت قد سبقت وتعاونت معها في مجال استقدام الموقوفين أما لا"، أما الشرط الرابع، حسب نفس المصدر، فهو "مدى مطابقة الملف القضائي المطلوب على أساسه تسليم المطلوبين للنظام القضائي للدولة المعنية، أي إذا كانت هذه الجريمة معاقب عليها في الدولة المعنية أم لا". وأضاف نفس المصدر أن "المطلوبين للعدالة عادة ما يلجأون بعد فرارهم للدول التي لم توقع مذكرات تعاون لتسليم المطلوبين"، وبخصوص عدد المذكرات الصادرة في حق المعني، مثل الوزير الأسبق، عبد السلام بوشوارب، الذي صدرت في حقه أربع مذكرات دولية في أربع قضايا حوكم فيها ب80 سنة سجنا، فرد المحامي عبد الرحمن صالح، بأن العدد لا يهم بقدر ما تهم الشروط المذكورة. من جهته قال المحامي، فريد خميستي، ل"الخبر" إن عدة اعتبارات وشروط قانونية تحدد إمكانية استقدام المطلوبين من طرف العدالة الجزائرية، ممن صدرت مذكرات توقيف دولية في حقهم، على غرار وزير الصناعة الأسبق، عبد السلام بوشوارب، حيث أوضح بأنّ الأمر يرتبط أوّلا بمدى مطابقة الإجراءات المتخذة من طرف الجزائر، ففي حال أصدرت مذكرة قبض عن طريق الأنتربول، تقوم الأخيرة بالبحث عن مكان تواجد المعني، ثمّ إذا تطابقت الأحكام ضد المعني مع قانون الدولة الموجود فيها، وأعطى خميستي مثالا عن حكم الإعدام المطبق في دول وغير المطبق في دول أخرى. أما بخصوص الوزير الأسبق، عبد السلام بوشوارب، فيضيف المتحدث أنه في حال تواجده في فرنسا، فإن كل القوانين التي حوكم بها موجودة في القانون الفرنسي، مثل اختلاس أموال عمومية، غير أن العدالة الفرنسية تقوم حينها بالتحري فيما إذا كانت الأموال التي بحوزته مصدرها استثمار ومشاريع عادية أم أنها مشبوهة، وفي حال كانت مشبوهة تتم الموافقة على الطلب، ويستشهد المتحدث بقضية رجال الأعمال السابق، عبد المومن خليفة، الذي استقدم سنة 2013 من إنجلترا إلى الجزائر. غير أن خميستي استبعد أن يتم استقدام بوشوارب، بسبب عراقيل سياسية وقانونية، وهذا لعدة اعتبارات، من بينها علاقاته المتشعبة مع المسؤولين في فرنسا، ورغم امتلاكه للجنسية الفرنسية، يُضيف المتحدث، "فهي لا تؤثر على مذكرة القبض، كون الجنسية الأصلية للمعني هي جزائرية، وكان يشغل منصبا ساميا في الجزائر، وارتكب أفعالا أدانها القضاء الجزائري"، وأشار نفس المصدر إلى ما حدث مع وزير الطاقة الأسبق، شكيب خليل، الذي تم الإعلان عن صدور مذكرة توقيف دولية في حقه، ولكن في الحقيقة لم تصدر. وبخصوص المدة التي ستستغرقها الإجراءات القانونية في الحالة العادية لتوقيف المطلوبين من طرف العدالة الجزائرية، بمذكرات دولية، قال خميستي، إنها "تتطلب سنة إلى سنة ونصف"، ويوضح المتحدث بأن "ملف المعني تدرسه العدالة الفرنسية، بما في ذلك شروط الحكم الصادر في حقه، فيما إذا كان عبارة عن "تصفية حسابات مثلا"، أو أن "الحكم الصادر في حقه حقيقي وأن أدلة إدانته كافية".