تعود مناسبة اليوم العالمي للمرأة، على وقع عودة مسيرات الحراك السلمي، حاملة معها قلق المرأة الجزائرية مزيدا من الهموم والاهتمامات، بالإضافة إلى قلق من المستقبل في ظل تراجع المكاسب المحققة بفضل نضالات عقود من الزمن، رغم قرارات التغيير التي أفصح عنها مجلس الوزراء في اجتماعه، أول أمس، حيث أرسل الرئيس تبون رسالة إلى النصف الثاني للمجتمع الجزائري، مفادها ضرورة اقتحام المجال السياسي بصيغة المحاصصة ب"المناصفة" في قوائم الترشيحات لانتخابات "البرلمان"، والمجالس البلدية والولايات. وإن كانت بعض الأحزاب تعوّل على تشريعيات الصيف المقبل، فإن قانون الانتخابات الصادر بأمر رئاسي، وهو إجراء نادر، بالنسبة إلى قانون عضوي مهم جدا.. فإن معضلة التمثيل النسوي في المجال السياسي يبقى دون المستوى المطلوب، بسبب "ارتهان" المرأة لعادات وتقاليد مغلفة بالدين الإسلامي، وفي أحيان كثيرة بممارسات عرفية تجاوزها الزمن. في الجمعة الماضي، وفي مربع خاص بهن، صرخت ناشطات في الحراك يطالبن بالحق في الميراث والمساواة فيه، وبمراجعة قانون الأسرة المستمد من تعاليم الشريعة الإسلامية، على اعتبار أن معضلة الأغلبية الساحقة من الجزائريات يشتكين من "حڤرة" أشقائهم الرجال في مسألة الاستفادة من التركات والميراث، حتى وإن تمت القسمة والتوزيع في حالات نادرة وفقا للقوانين السارية. مشكلة المرأة بالإضافة إلى الميراث وأكل حقوقها بالباطل من طرف الزوج أو الشقيق أو ذوي الحقوق المشاركين في الميراث، تتمثل في غياب مبدأ تكافؤ الفرص في التوظيف والتشغيل، ولاسيما في القطاع الخاص، حيث نادرا ما تمكن من الحق في الترقيات والمساواة في الرواتب مع الرجال. من المشاكل أيضا، العنف بمختلف أنواعه، المعنوي والجسدي، ولاسيما داخل الوسط العائلي على يد الأصول والفروع، فضلا عن حالات التعدي بطرق بشعة في الشارع من خلال مظاهر التحرش الذي تتعرض له الجزائريات أمام مرأى ومسمع ممثلي السلطات العمومية دون تحريك ساكن. بالمقابل، يظل الخطاب السياسي لم يتغير، وينظر إلى المرأة على أنها مجرد "إكسسوار" أو ديكور في المكاتب ومقرات العمل، وهو ما يفرض الاستماع بمسؤولية ومراجعة سياسات "استغلال" المرأة في تسويق صورة غير واقعة من أجل تجميل واجهة خارجية بأرقام وإحصائيات لا تعكس حقيقة المطالب المنشودة. ومن هذا المنظور، أكد بيان اجتماع مجلس الوزراء، سعي الرئيس عبد المجيد تبون لاستمالة المرأة سياسيا، من خلال فتح باب البرلمان والمجالس الولائية والبلدية بواسطة الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، وهي مهمة صعبة إن لم تكن مستحيلة لعدة اعتبارات، أهمها تغييب المرأة عن ردارات التأثير، باستثناء من استيعاب أحزاب التيارين الإسلامي والديمقراطي التي استثمرت في العنصر النسوي منذ مطلع التسعينات بمجرد إقرار التعددية الحزبية والإعلامية والنقابية، وتجلى ذلك من خلال مسيرات حاشدة لمناضلات التيارين بين داعم لقانون الأسرة وداعيا لإلغائه على طول شارع زيغود يوسف. كما يبدو رهان الرئيس على المرأة لإنجاح "سياسته" بعيد المنال من دون نجاحه في احتواء الطبقة السياسية التي تنطوي على وعاء نسائي انتخابي ونضالي.. وهذا لن يمر إلا بالإبقاء على خيار الحوار والعمل على بناء أرضية مشتركة تبدأ وتنتهي بتلبية ما تبقى من مطالب الحراك السلمي كما هي وبدون التفاف عليها أو تسويفها.