من حين لآخر تطل “الخبر الرياضي” على قرائها بحوارات جريئة ومثيرة وهذه المرة اختارت أن تسلط الضوء على النجم السابق لاتحاد الحراش عبد القادر مزياني، الذي سيروي لنا مسيرته مع فريقه ويحكي معاناته مع المنتخب الوطني، أيضا إشاعة تعرضه لمرض في القلب والأشخاص الذين روجوا لها، إضافة إلى أمور أخرى سنترككم تكتشفونها لأول مرة في هذا الحوار الشيق الذي جمعنا به في محل بيع لقطع غيار السيارات. مزياني أصبحت بعيدا عن الساحة الكُروية، ما سرّ هذا الغياب ؟ بداية أرحب بكم وأشكركم على هذه الزيارة التي ستمنحني الفرصة للحديث عن عديد الأمور، المهم أنا الآن بعيد عن ميادين كرة القدم ومنهمك في عملي، مادام أن المحيط الكروي في بلادنا تعفن، لكن فيما يخص شؤون “الصفراء” فأنا على دراية بكل ما يحدث فيها لأنها فريق القلب الذي يجب أن أسأل عنه وأعرف أخباره. في أيّ سنة بدأت مُمارسة كُرة القدم ؟ وقعت على أول إجازة عام 1969 في اتحاد الحراش. إذن حكايتك مع المُستديرة بدأت في الحراش ؟ أجل، مسيرتي الكروية بدأت في الحراش وانتهت في الحراش، أنا حراشيّ خالص أبا عن جد، فوالدي رحمه المولى كان لاعبا في اتحاد مدينة الحراش ويدعى عمر مزياني. لكن كُنت تُريد إنهاء مشوارك الكُروي في اتحاد العاصمة، أليس كذلك ؟ صحيح، كاد أن ينتهي مشواري الكروي مع اتحاد العاصمة، بعد أن التحقت به ووقعت على عقد رسمي معه، وهذا عقب إلحاح شديد من طرف المسيرين. وماذا حدث بعد ذلك ؟ لقد اتفقت آنذاك مع مسيري اتحاد العاصمة حول كافة الأمور التي تخص العقد ومدته الزمنية، حيث أمضيت لصالح ذوي اللونين الأحمر والأسود لمدة موسمين، لكن بعدها انتابني شعور غير عادي وكأنني ارتكبت ذنبا بمغادرتي “الصفراء” والانضمام إلى اتحاد العاصمة، حيث تراجعت وطلبت منهم أن يفسخوا عقدي، لأنني عشت ضغطا رهيبا من طرف عائلتي وأبناء الحي الذين لم يتقبلوا هذه الفكرة. وكيف وجدت الحل؟ من حسن الحظ أن مسؤولي اتحاد العاصمة سهلوا لي مهمة فسخ العقد للعودة إلى الحراش، حيث تكفل في ذلك الوقت الرئيس عبد القادر مانع بتلك المهمة وتحدث مع المسيرين من بينهم عبّازة، والحمد للمولى تمت الأمور بشكل جيد وأغتنم الفرصة لكي أشكرهم من جديد، كان ذلك كله من أجل الحراش الفريق الذي حملت ألوانه وعمري عشر سنوات، فأمي ووالدي ولدا بالحراش وهما من ضغطا علي لكي أبقى فيها إلى حين اعتزالي ميادين كرة القدم، وهو ما حدث بالفعل رغم أنني خسرت مستقبلي وضحيت بحياتي من أجلها، عكس اللاعبين الحاليين الذين يعشقون المال. هل بإمكاننا رُؤية مزياني يعُود إلى الحراش من باب التسيير ؟ لا أبدا، الآن دخلوا عالم الاحتراف ونحن لا نفقه شيئا في كرة القدم لأننا ننتمي إلى الهواة( قالها بتهكم)، صراحة كرة القدم الجزائرية “ولا ما فيهاش الرجال”، لا يمكنني أن أدخل هذا الحقل المتعفن لأنني رجل يحب الحق ولا يقول إلا كلمة حق، فأنا لا أبيع شرفي من أجل الأموال، وأنتم تعلمون أن هناك مدربين في الجزائر يقبلون بالذل ويسمعون كلاما جارحا من طرف رؤسائهم ومع ذلك تراهم متشبثين بالعارضة الفنية، وهو ما جعل كرة القدم الجزائرية تتدهور. ما السبب الذي جعلك ساخطا عليهم ؟ هؤلاء المدربون يدركون بأن مستواهم ضعيف ومع ذلك يوقعون مقابل مبالغ مالية عالية ولا يحققون أي نتائج في الفريق، وبعدها يتنقلون إلى فريق آخر ويحصلون على أموال أخرى في موسم واحد، حسب اعتقادي فالرجال لا يقومون بمثل هذا الفعل.. كُنت عُضوا فعالا في الفئات الشبانية في اتحاد الحراش عام 2002 هلا تُحدثنا عن تلك التجربة ؟ كانت تجربة قصيرة، لكنها فعالة لقد كنت رفقة كويسي اللاعب السابق للحراش نعمل مع بعض في الفئات الشبانية عام 2002، حيث ساهمنا في اكتشاف المواهب على غرار قسوم، حركات ويونس، وكان هناك العديد من اللاعبين ينتمون إلى صنف الأواسط حاولنا ترقيتهم إلى الأكابر، لكنهم لم يوفقوا بسبب “الحڤرة” التي تعرضوا لها من بينهم ابني وابن لحسن ولاعب آخر يدعى سرار، فهؤلاء كانت لديهم إمكانات في المستوى تفوق بكثير التي يملكها الحاليون، لكن للأسف فمسيرو اتحاد الحراش لا يحبون أبناء الفريق، ومن الأحسن ألا أذكر أسماءهم، فالحراش باتت لا تنجب اللاعبين كما كان عليه الحال في الماضي، ونفس الأمر بات يحدث في العديد من الأندية كنصر حسين داي ورائد القبة. إذن حسب رأيك أن المدرسة الحراشية في طريقها إلى الزوال ؟ سياسة الحراش الحالية أضحت مكشوفة لدى الجميع، فبمجرد ظهور نجم كروي في الفريق تلجأ الإدارة إلى بيعه للاستفادة من الصفقة، فالخاسر هنا الأنصار، وهذه السياسة جعلت الحراش لا تلعب على لقب البطولة الوطنية، لكن ومع ذلك فإن الفريق وبالنظر إلى المستوى الذي يميز كرة القدم الجزائرية كان بإمكانه الظفر بلقب البطولة خلال الموسم ما قبل الماضي الذي كان فيه جابو وبوعلام يحملان ألوان النادي مع بعض، لكن للأسف لم يحققوا حلم الأنصار. بكُل صراحة هل أنت مع سياسة جلب لاعبين من خارج الحراش لتدعيم المدرسة الحراشية ؟ بالنسبة إليّ هذه ليست الحراش التي يعرفها الجميع، سبحان المولى العظيم، هل يعقل أن تستقدم لاعبين جدد من خارج الحراش لكي تدعم صنف الآمال ؟ هل انقرض اللاعبون في الأحياء الحراشية مثل بيلام، لامونطان، فوليتف وبوليو؟ ألا نستطيع أن نكوّن 11 لاعبا حراشيا يدافعون عن اللونين الأصفر والأسود. أين يكمُن المُشكل، وهل لديك الحُلول للقضاء على هذه السياسة ؟ قبل كل شيء يجب أن أؤكد أن السياسة التي أتى بها المدرب شارف بدأت تؤدي إلى زوال المدرسة الحراشية، فشارف ليس حراشيا وليس ابن الفريق ولا يشعر بما نشعر به نحن، لقد أحدث التفرقة وساهم في رحيل أبناء الحراش، النادي الذي ضحينا من أجله وبعدها يأتي ويأكل من غلتنا ومن حرثنا، أقول للجميع أن “السي شارف أتى ليأكل في الحراش” من هم اللاعبون الذين تسبب شارف في رحيلهم وهم الآن يتألقون ؟ هناك هشام العقبي المدعو “بلوطة” اللاعب الحالي لنصر حسين داي، هذا العنصر أعرفه جيدا كان عندي في صنف الأصاغر، لديه مستوى رائع ومن عائلة متواضعة، فهو الآن يتألق مع النصرية، لكن شارف لم يهتم به ودفعه إلى الرحيل، وبالتالي فأنا أطلب منه ألا يطرد أبناء الفريق وأن يراجع نفسه. لكن كثيرين يُؤيدون سياسته وأفكاره، بما أنها عادت بالفائدة على الحراش ؟ حقيقة، أتعجب من الذين يؤيدون سياسته ويرحبون بأفكاره التي لم تجلب أي فائدة للحراش، ومن منبركم هذا أقول لكل غيور على اللونين الأصفر والأسود، ألا تتركوا شارف يفرض سيطرته وأن يهتموا بأبناء الفريق، لأن هذا المدرب بقي في الحراش من أجل الأموال ولا يشعر بما يشعر به المناصر الحراشي، صدقوني أصبحت أحسّ بحرج شديد عندما ألتقي أصدقائي ويقولون لي ماذا يحدث في اتحاد الحراش ؟ ومع ذلك هُناك من يقول أنه لو يُغادر شارف، فإن الحراش ستسقط إلى القسم الثاني ولن تعود، ما رأيك في هذا الكلام؟ “هاذي هي المصيبة الكبيرة”، هذا الكلام غير معقول، شخصيا وخلال مسيرتي الكروية لم أسمع بمدرب اسمه شارف، هذا المدرب بالنسبة لي غير معروف في الساحة الكروية ولم ألتق به منذ أن بدأت ممارسة كرة القدم في سنة 1969 وأثناء تواجدي في الفريق الوطني عبر كامل أصنافه، لم أسمع بهذا المدرب قط. نفهم من كلامك أن المُدرب شارف مُنذ توليه زمام العارضة الفنية لم يأت بأيّ فائدة للحراش ؟ شارف أتى إلى الحراش فرحبنا به، لكن لا نقبل بما يقوم به، لقد قضى على السياسة الحراشية ووضع محلها سياسة جديدة مبنية على التفرقة وإقصاء أبناء الفريق، لقد كنا في عهدنا عائلة حراشية متكاملة، نحب بعضنا البعض ونتضامن فيما بيننا، لكن شارف ليس حراشيا ولا يعرف معنى كلمة العائلة الحراشية، وهناك شيء مهم دعني أوضحه. تفضل ... المُدرب شارف يعتمد في عملية الاستقدامات على لاعبين معظمهم من الغرب الجزائري رغم أنني لست ضد استقدام لاعب أو اثنين على أقصى تقدير من غرب البلاد، شريطة أن يكونوا أهلا لحمل ألوان “الصفراء”، غير أنه من غير المعقول أن يكون اتحاد الحراش مكوّنا كله من لاعبي الغرب وفي المقابل أبناء الفريق يسرحون، صدقوني لم أفهم عقليته وأريد دائما معرفة ما يجول في خاطره لكنني أفشل. لكن الإدارة في كُل مُناسبة تُؤكد أن هذا المُدرب سيبني فريقا تنافسيا سيُهدي الحراش لقبا ؟ عن أي بناء يتحدثون، كل نهاية موسم يتركون اللاعبين يغادرون، وحتى الأسماء التي استقدمها لم تأت بأي فائدة للحراش، وما أراه في الفريق أنه بات يلعب دائما من أجل البقاء، إذن فمن الأحسن أن يحافظوا على أبناء الحراش ويعطوهم الفرصة مادام أن الأمر لا يتعدى هدف البقاء في حظيرة القسم الأول، وهناك لاعب يعاني “الحڤرة” ولا أحد يدافع عنه. من هُو ؟ إنه طواهري الذي يعتبر أحسن مهاجم في التعداد الحالي “يحب ولا يكره”، لكنه لا يلقى المساندة والاهتمام من طرف شارف الذي يزج به في دكة البدلاء لأنه ببساطة أحد أبناء الفريق، لقد بلغ السيل الزبى وشارف لا يزال على رأس العارضة الفنية، لقد كان في كل مرة يهدد بالرحيل لكنه يبقى، وأتعجب من آخرين يربطون مصيرهم به، إذن في الأمر “إن”. هل تُؤيد الفكرة التي تقول أن أبناء الفريق يختلقون المشاكل ويضربون الاستقرار ؟ هذا كلام غير مُؤسس، أبناء الفريق الحقيقيون يحبون الحراش ولا يختلقون المشاكل، لقد حفظ الجميع الأسطوانة المشروخة التي تقول أن أبناء الحراش يضربون الاستقرار ويحدثون البلبلة، فالمدرب شارف وجد الأموال فبقي ولو يحدث العكس فإنه لن يعمر في الفريق دقيقة واحدة. المُدرب أضحى يحظى بشعبية مُنقطعة النظير من طرف “الكواسر” نظرا للنتائج التي يُحققها، وأنت تُلغي كل ما قام به، لماذا ؟ النتائج التي حققها أتت بفضل الأنصار والضغط الذي كانوا يفرضونه على الأندية المنافسة ب “لافيجري”، ولو لم يلق مساندة “الكواسر” لما سجل أي نتيجة إيجابية، والأدهى أنه قام بتصرف غير لائق وشتمهم، هذا أمر كارثي، أقول له أن هذا الفريق ضحى من أجله الرجال، من هم من انتقلوا إلى رحمة ربهم، وعليه يحب أن يلزم حده ويحترم الجماهير، رغم أن الأنصار الحقيقيين لا يقبلون بمثل هذه التصرفات ولا يستقبلونه بالورود عند القيام بشيء من هذا القبيل. نعُود للحديث عن ذكريات الماضي لما كنت لاعبا، كانت هناك مُباراة حاسمة جمعت بين الحراش ووفاق سطيف انتهت لصالح هذا الأخير بسبب رفضك فكرة تسهيل المُهمة من طرف أبناء “عين الفوارة”، هل هذا صحيح ؟ تقصد المواجهة التي خضناها أمام وفاق سطيف خلال موسم 1984-1985 والتي انتهت لصالح السطايفية بنتيجة هدف مقابل صفر، آنذاك لم نكن ننتظر خدمة من أحد كنا متأكدين من الفوز على سطيف وكانت لدينا ثقة كبيرة في النفس، لكن للأسف خسرنا النقاط ولقب البطولة الوطنية بعدما تلقى الحارس فتان هدفا مباغتا، رغم أننا فرضنا سيطرة مطلقة على مدار 90 دقيقة، لنغادر الميدان خائبين، ولكن في الموسم الموالي ثأرنا لأنفسنا وتغلبنا على الوفاق بعقر داره. وماذا عن مُباراة شبيبة القبائل في موسم 82-83 التي قيل عنها أنكم سهلتم الأمور لها، للفوز بلقب البُطولة؟ تلك المواجهة لعبت قبل ثلاث جولات عن نهاية الموسم كانت مباراة شكلية ولم تكن تحظى بأهمية بالنسبة لنا، حيث انتهى اللقاء بخسارة الحراش بنتيجة هدفين مقابل هدف بملعب 20 أوت، وكنا السباقين إلى فتح باب التسجيل بواسطة كرميش. تُؤكد أنه لم يحدث أيّ شيء في “الكواليس”، فكيف لك أن تترك منصبك وتتحوّل إلى حارس مرمى، بما أنك كُنت مُحرّك الفريق ؟ كاديم هو من كان في حراسة المرمى، لكنه تعرض لإصابة فعوضته، وأعلمكم بأنها ليست المرة الأولى التي أحرس فيها مرمى الحراش، حيث سبق لي أن قمت بذلك أمام وداد بوفاريك. قضية حدثت لك في الثمانينات وأسالت الكثير من الحبر، تتعلق بإبعادك من المُنتخب الوطني بحُجة إصابتك بمرض في القلب، هلا تروي لنا القصة كاملة ؟ (يتحسر) مزياني لحد الآن بإمكانه ممارسة كرة القدم، لقد سربوا إشاعة مفادها أنني مصاب بمرض في القلب، وكان ذلك أثناء تواجدي رفقة المنتخب الوطني، تلك الحكاية بدأت في وهران خلال المواجهة التي جمعتنا بالمنتخب المالي سنة 1985 برسم تصفيات كأس أمم إفريقيا، حيث فزنا بنتيجة خمسة أهداف مقابل هدف وكنت وراء تسجيل الهدف الخامس، لكني لا أدري لماذا احتسب لصالح ماجر ؟. وسيأتي اليوم الذي سأكشف فيه حقائق كثيرة كانت تحدث في المنتخب الوطني. إذن من هُنا بدأت مُعاناتك مع الفريق الوطني ؟ سنواتي مع الفريق الوطني كانت كلها معاناة، يمكن القول أنني كنت مقصى من المنتخب، لقد اختلقوا إشاعة إصابتي بمرض في القلب، ثم أخذوني إلى فرنسا لكي أعالج حتى يبدو للجميع أنني أعاني حقيقة من هذا المرض، كما أنهم أجلسوني لمدة خمس سنوات على كرسي الاحتياط كل هذا كان من أجل إبعادي من الفريق الوطني الجزائري. لماذا كُل تلك المُعاناة ؟ لأنه لم يكن هناك أيّ شخص يدافع عني ويحفظ لي حقوقي، خاصة أنني كنت لاعبا في اتحاد الحراش وكما هو معروف أن الحراش فريق “محڤور” وكأنه ينتمي إلى بطولة أجنبية. وماذا عن حكاية شطب اسمك في آخر لحظة من قائمة المُنتخب الوطني التي شاركت أمام السُودان في سنة 1979 ؟ هذه حكاية أخرى تضاف إلى الحكايات التي عشتها مع المنتخب الوطني، هذه القصة حدثت لي في قسنطينة عام 1979 في مباراة دخلت ضمن إطار تصفيات كأس أمم إفريقيا، لقد كنت أساسيا وضمن مخططات المدرب “رايكوف” ليلة المواجهة وكنت على أتم الاستعداد لأتشرف بحمل القميص رقم 10 مع المنتخب الوطني أمام السودان، لكن عند وصولنا ملعب 17 جوان تغيّرت القائمة وأسقط منها اسمي، ليحل محلي قاسي السعيد الذي منحوه ذلك القميص، وخلال أطوار المواجهة أمرني المدرب بإجراء عملية الإحماء وكان ذلك لمدة عشر دقائق، لكنه فضل ماجر وعدت بعدها لأجلس من جديد على كرسي الاحتياط، كانوا كلهم ضدي ومن بينهم وزراء في الحكومة، حيث احتجزوني في دكة البدلاء لمدة خمس سنوات، صراحة دفنوني ونغصوا حياتي. كيف كان شُعورك بعد كُل الذي عشته في تلك الفترة ؟ في ذلك الوقت، كرهت لعبة كرة القدم كنت أفكر في الاعتزال نهائيا، عقدة المنتخب الوطني لا زالت تشكل لي كابوسا حقيقيا يطرد أحلامي، لم أفهم سر معاملتهم لي بهذه الطريقة، رغم أنني مواطن جزائري. يعني أنهم كانوا السبب في عدم ذهابك بعيدا في مشوارك الكروي ؟ هم الذين أوقفوا مسيرتي الكروية مبكرا وحرموني من الاحتراف والذهاب بعيدا، رغم أنه لم يكن لدي أي مشكل معهم ولا أعرفهم لحد الآن، و تصوروا أنني لعبت ربع ساعة فقط خلال خمس سنوات مع المنتخب الوطني. ومع ذلك كانوا دائما يُوجهون الدعوة لك، كيف تُفسّر هذا الأمر ؟ في كل مناسبة يكون فيها الفريق الوطني أمام تحديات مهمة يرسمون اسمي في القائمة دون أن تمنح لي فرصة المشاركة، ومن باب “الحشمة” كانوا يوجهون لي الدعوات لأنني كنت “نطير” في البطولة الوطنية، واللاعبون الذين فضلوهم علي في المنتخب كانوا لا يقفون أمامي خلال مباريات البطولة وكنت أفوز عليهم بالنتيجة والأداء، وهناك لاعبون آخرون عاشوا الجحيم في الفريق الوطني “الله غالب” هكذا كان مصيرنا، لكن الحمد لله كتبت اسمي في تاريخ كرة القدم الجزائرية وتركت بصمتي. هل صحيح أن خالف مُحي الدين عرض عليك الانضمام إلى شبيبة القبائل مُقابل منحك الفُرصة للمُشاركة في مُباريات المُنتخب الوطني ؟ لا على الإطلاق، خالف محي الدين كان من بين المدربين الذين ساهموا في تكسير مسيرتي الكروية، كنت لاعبا عنده في الفريق الوطني لمدة أربع سنوات ولم يمنحني الفرصة هو كذلك. كُنت من بين الذين ساهموا في تتويج الحراش بكأس الجزائر، غير أن ما أثار غضب الأنصار هو أنكم لم تأتوا بالكأس إلى شوارع الحراش وذهبتم بها إلى حيدرة للاحتفال، هل هذا الكلام صحيح ؟ من قال لكم هذا الكلام فإنه كذاب، والجميع يعرف الأشخاص الذين روجوا لهذه الإشاعة، فهم من أبناء الحراش لكنهم يكرهون “الصفراء”، وفي ذلك الوقت كانت عقلية التكتلات تسيطر على الأحياء الحراشية فالتيار لم يكن يمر بين أنصار الشهاب والكحلة، وأنصار اتحاد الحراش هؤلاء لا يناصرون “الصفراء”، المهم أنه بعد نهاية المباراة توجهنا مباشرة نحو الفندق وفي اليوم الموالي عدنا إلى منازلنا، وبعدها خرجنا نجوب شوارع الحراش ولم نذهب إلى حيدرة، كما قالوا أيضا أن كلبا التقط بها صورا فهذا كلام لا أساس له من الصحة وكان يروج له محبو الشهاب والكحلة. ما هي أحسن مُواجهة تتذكرها ؟ جميع المواجهات كانت رائعة، غير أن هناك لقاء أعتبره الأجمل، كان أمام مولودية الجزائر بملعب بولوغين سنة 1979، حيث كان يسير “العميد” بخطى ثابتة نحو التتويج بلقب البطولة الوطنية، إلا أننا أوقفنا زحفه بعد أن تغلبنا عليه بثلاثية نظيفة، سجلت هدفين ومدان هدفا، أما الآن فأصبحت المولودية الشبح الأسود للحراش لأن اللاعبين الذين يحملون حاليا اللونين الأصفر والأسود لا يعرفون معنى “الداربيات” العاصمية ومدى أهميتها بالنسبة ل”الكواسر”. ما الفرق بين جيلكم والجيل الحالي ؟ في وقتنا وبعد نهاية كل مواجهة، كنا نتوجه مباشرة إلى منازلنا، فعندما كنا نفوز بلقاء محلي يقابلنا أبناء الحي بالأحضان، لكن عندما ننهزم كنا نعيش أوقات عصيبة بسبب الضغط الذي كان يمارس علينا من طرف الأنصار، الجيران والوالدة رحمها الله، أما اللاعبون الحاليون لا يهمهم سوى المال ولا تهمهم مشاعر الجمهور لأنهم لا يغارون على ألوان الفريق. ماذا ينقص الحراش لكي تفُوز باللقب ؟ على الفريق برمته والأنصار أن تزرع فيهم ثقافة الألقاب، لكن للأسف أصبحوا يرعبون أنصار الحراش بشبح السقوط إلى القسم الثاني، وهو ما يجعل المناصر البسيط يتمنى البقاء في حظيرة الكبار دون المطالبة بلقب البطولة أو الكأس، لكن هذا تفكير سيئ وعلى الأنصار أن تصبح لديهم ثقافة الألقاب ولا يؤمنوا بمثل هذه الأفكار، فمولودية الجزائر سقطت وفي السنوات الموالية حصلت على عدة ألقاب، شباب بلوزداد سقط هو الآخر وبعد صعوده حصد أربعة ألقاب، أما اتحاد العاصمة الذي عاش سبعة مواسم في جحيم القسم الثاني فمباشرة بعد صعوده بدأ يحصد اللقب تلو الآخر. الحراش وصلت إلى نهائي الكأس العام الماضي، غير أنها انهزمت أمام القبائل، كيف كان شُعورك ؟ لا أريد أن أتذكر تلك المواجهة، شارف هو من أهدى شبيبة القبائل كأس الجمهورية بعد أن اعتمد على خطة غير مفهومة ولاعبوه لم يقوموا بشيء طيلة 90 دقيقة، بينما عناصر الشبيبة أحسنت التمركز فوق الميدان ولعبت بذكاء، فشارف “حكماتو” الخلعة واختلطت عليه الأمور، وبالتالي فإن حنكة المدرب تظهر في مثل هذه المواعيد الكبرى، صراحة كانت للحراش فرصة لا تعوض للفوز بالكأس. هل لا زلت تحتفظ بالهديّة التي قدمها لك مُناصر من شباب قسنطينة ؟ أجل بالطبع، لا أزال أحتفظ بها لحد الآن، لقد أهداني أحد المناصرين من شباب قسنطينة سينية من النحاس منقوش فيها اسمي، وأغتنم الفرصة لكي أوجه له تحياتي وأقول له أني سأبقى أحتفظ بهديتك إلى الأبد. ألم تُفكر في يوم من الأيام أن تُصبح مُدربا ؟ لم أفكر ولا أريد أن أصبح مدربا لكي أعمل في محيط متعفن وفي عالم سيطرت فيه المادة على حساب الرجولة. من هو أحسن مُدرب عملت معه ؟ مختار بلعابد رحمه الله كان بمثابة والدنا، أخانا وصديقنا وقضيت معه معظم حياتي الكروية، هذا الرجل ضحى من أجل الحراش، حيث توفي وهو يدين للفريق بخمسة أو ستة ملايين سنتيم ولحدّ الآن عائلته لم تحصل عليها. وأحسن مُدرب حاليا ؟ جمال مناد أعتبره أحسن مدرب لأنه صاحب المبادئ والشخصية القوية وهو الوحيد القادر على التحكم في زمام الأمور، وبإمكانه أن يهدي شباب بلوزداد لقبا، تمنيت لو نصبته الاتحادية الجزائرية لكرة القدم مدربا للفريق الوطني رفقة ماجر ودريد قبل أن يأتوا بالبوسني حاليلوزيتش. هل ترى أن الكُرة الجزائرية دخلت عالم الاحتراف من بابه الواسع ؟ من الأحسن ألا يتكلموا عن الاحتراف، فالاحتراف في بلادنا هو حبر على ورق ولا يوجد أيّ ناد في الجزائر يطبقه بحذافيره. باستثناء اتحاد العاصمة، أليس كذلك ؟ الاحتراف موجود عند جيراننا في تونس والمغرب الذين وفروا كل شيء من مرافق رياضية، ملاعب ومراكز للتدريب، أما حداد فإنه صرف 40 مليار سنتيم لكي يفوز بلقب لا تتعدى قيمته ثلاثة ملايير وكأنه يريد الخسارة لنفسه، هذا تبذير وفساد كروي. ما رأيك في عدم توجيه الدعوة لزياني من طرف المُدرب الوطني حاليلوزيتش للمباراة التي فزنا بها أمام غامبيا؟ القائمة التي أعلن عنها الناخب الوطني حاليلوزيتش لم تحمل مفاجآت، وقد أصاب عندما أبعد زياني من صفوف “الخضر” فهو ليس “روبرتو باجيو” لكي نحزن على عدم توجيه الدعوة له، فزياني هو كارثة الفريق الوطني، وهو الذي يفترض أنه صانع اللعب، لكنه لم يصنع سوى الرداءة، فطريقة لعب زياني هي سبب نكسة المنتخب، لأن موقعه كصانع لعب يجعله محرك الفريق، لكن المحرك تحول إلى فرامل، فهذا اللاعب يمسك الكرة ويراوغ بطريقة عرضية ويعيدها إلى الدفاع، ويقتل أي ريتم سريع من شأنه خلق خطر على مرمى الفريق المنافس. إذن حسب كلامك حاليلوزيتش وُفق لحدّ الآن ؟ المدرب اختار العناصر التي يراها الأكثر جاهزية للمباراة، وهو مسؤول على ذلك وفي المستقبل ستظهر النتائج، ولا يخفى على أحد أن الفريق الوطني لا يزال مشتتا والمدرب بدأ في لملمة أشلائه المتناثرة وسيتعب كثيرا، وحسب رأيي أن الاختيارات التي قام بها في محلها والدليل على ذلك إفلاحه في العودة بالنقاط الثلاث من بانجول. نعُود إلى قضية المُنشطات التي أثارها لاعبو المُنتخب الوطني خلال الثمانينات، هل أنت من الضحايا ؟ هذه القضية مُفبركة، أثيرت من أجل الحصول على الأموال وأنا كنت في صفوف المنتخب الوطني في سنوات الثمانينات وكانوا يمنحوننا مقويات فقط ك “إيبسا” ذات اللون البرتقالي، ولم تسبب لأبنائنا أية إعاقة وحتى رابح ماجر أكد من قبل هذا الكلام. الحوار معك كان شيّقا، لكن لابُد أن تكون له نهاية ولك الحُرية في ختمه ؟ الكلمة الأخيرة أوجهها لأنصار الحراش الذين أقول لهم “أنتم دائما في القلب ولا تتركوا فريقكم” وأقول لشارف أنك بفضلهم حققت تلك النتائج وعليك أن تنظر إلى أبناء الفريق ولا تهمشهم.