تعيش الجزائر أجواء هيستيريا منذ أن حقق رفقاء بوڤرة التأهل التاريخي إلى الدور الثاني من المونديال البرازيلي، وصاحت كل الحناجر تحتفل بهذا الإنجاز الكبير، وتصالح كل الجزائريين حول الخضرة وهي صور كانت الجزائر بحاجة إليها لبعث الأمل وسط مجتمع لم يعرف بعد أين وجهته في ظل استقالة جماعية للسياسيين سواء الحاكمين أو أشباه المعارضين. لكن المونديال دورة مغلقة ستنتهي مثلما مرت الدورات ال22 السابقة والخضر سيقيّمون مشاركتهم الرائعة مثلما قيموا دورة جنوب إفريقيا ولم يستوعبوا منها الدروس، فمنتخبنا الحالي لا يمثل الكرة الجزائرية بل يمثل الجزائر والفرق بين الأول والثاني واضح ما فعله منتخبنا الحالي لا يمكن تقزيمه لكن بين الخضر والكرة الجزائرية هوة كبيرة، فالمنتخب الذي يتشكل من مغتربين ومحترفين لا يجب أن يتحول إلى قاطرة تجر الكرة الجزائرية نحو الأمام وليس شجرة نخفي بها غابة المشاكل التي تتخبط فيها النوادي والرابطات وغيرها . بعد مونديال جنوب إفريقيا ضيّعنا أربع سنوات وصرفنا آلاف الملايير ولم نضع مخططا للنهوض بالكرة الجزائرية ومرت تلك السنوات ولم نستطع مد المنتخب بلاعبين مؤهلين دوليا بل عجزت نوادينا حتى بلوغ المربع الذهبي في المنافسة القارية، منتخب بوڤرة وفيغولي وبراهيمي رفع راية الجزائر عاليا ونأمل في أن يساهم في رفع مستوى الكرة الجزائرية وهي رسالة واضحة إلى الفدرالية الكروية والوزارة الوصية، فلا يمكن أن نتحدث عن تحدي وطموح الشباب الجزائري ونستثمر في منتخب واحد كل لاعبيه قادمون من وراء البحر، فالكرة الجزائرية تعيسة بسبب كوارث مسيريها وسكوت السلطات العمومية التي تلعب على وتر شراء الهدوء الاجتماعي، وإنجازات الأفناك في بلد السامبا لن تخفي الحالة الذي تسير عليه بطولاتنا الملغمة بآفة الرشوة والمحسوبية وترتيب المباريات وغيرها من الأمراض الرياضية المزمنة. لن نقلل من الإنجاز الذي صنعه رفقاء فيغولي لأنه منح الفرحة والسعادة لملايين الجزائريين لكن على فدرالية روراوة وحكومة سلال أن تستغلا هذه الديناميكية لبعث مخطط حقيقي ينهض بالنوادي والبداية بطرد المسيرين الفاشلين في مختلف الهيئات سواء الرابطات أو النوادي فلا يمكن أن ننتظر النجاح من مسيرين فشلوا على مدار عشريات.