استقطب جناح السيد علي بلقاسمي بمعرض الصناعات التقليدية، أعدادا معتبرة من الزائرين الذين وقفوا مبهورين أمام جماليات فن الطرز المعدني الذي أصبح عنوانا لأعماله الفنية، حيث حرص ابن مدينة الشلف على أن يعكس من خلالها فلسفته في الحياة، فكانت أعماله حبلى بالأمل، الموسيقى المتناغمة، الأشجار المثمرة والسنديان الشامخ، حول هذه الأعمال وأخرى حيز التنفيذ، حدثنا الفنان. قال الفنان علي بلقاسمي؛ "الطرز المعدني اسم الفن الذي أمارسه، وهو مصطلح درسته جيدا قبل أن أطلقه على عملي هذا، لأنني أستعين بالمعادن في أعمالي، على غرار السلك المجلفن، الحديد والنحاس، بدأته سنة 2009، فأنا أحب كل ما هو جميل، خاصة شجرة "البونزاي" التي أعجبت بها كثيرا، وهي شجرة الأصيص. في الأول حاولت صنعها من أغصان شجرة الزيتون، لكن هذه الأخيرة تحتاج إلى وقت طبيعي يفوق ال 5 سنوات لتصبح جاهزة، وصادف أن قرأت في إحدى المجلات أن محاميا عاشقا للبونزاي، يبحث عن بونزاي مصنوع، لأنه كلما أخذ عطلة أهملت السكرتيرة الشجيرة فتموت، من هنا راودتني فكرة صنع البونزاي الصناعي، ومن خيوط النحاس و"السكوبيدو" صنعت أول شجيرة صغيرة ومنها كانت الانطلاقة، علما أنني أعمل في مجال الإلكترونيك، وأخذت مني الشجرة الأولى 45 يوما حتى اكتملت، واليوم أحتاج إلى ساعة من الزمن فقط لأكملها، بعدما تمكنت من هذا الفن". وحول المشغولات الجميلة التي أبدع في صنعها الحرفي، والوقت الذي أخذته منه قال: "عندي الكثير من التحف التي أحبها زوار المعارض التي شاركت فيها، على غرار المرأة الراقصة، المرأة الموسيقى، الشجرة المثمرة، السنديان، العذراء والوادي، امتداد الزمان والمكان، الرجل الذي يسند ظهره على شجرة الخروب، والفراشة التي تجر الشجرة، كما صنعت أباجور شجرة الخروب ب 2400 م من السلك المجلفن، أي كيلومترين و500 متر، عملت فيها لمدة 58 يوما، وهناك أوقات عملت فيها لمدة 10 ساعات في اليوم، حتى أنني كنت أنسى موعد الغداء والعشاء، فقد كانت زوجتي تضعه، ثم ترفعه دون أن أشعر". وحول بصمته الخاصة قال: "هناك أمر جد مميز في عملي هذا، وهو أن أية قطعة تصنع من سلك واحد من بداية العمل حتى النهاية، ويتم ذلك باليد وليس بالأدوات، حيث أستعمل أناملي للضغط على السلك المجلفن الذي يتطلب قوة اليدين وحب الفن والصبر الكبير، فأحيانا أقضي الليل بطوله في الورشة، ولا أتضايق من الأمر لأنني أعيش حينها في عالم ساحر. فأنا استلهم أعمالي من الطبيعة، وشجرة الخروب التي يوجد تحتها رجل يمسك رأسه بيده وهو متكئ على جذع الشجرة، في إشارة إلى الرجوع إلى الأصل، وكما يقال؛ "الرجوع إلى الأصل فضيلة". وأشار محدثتنا إلى أن هناك أعمالا تحتاج إلى بعض الألوان للضرورة الفنية يقول: "هناك قطع اكتست اللون الأخضر، وهي تحمل مدلولات الأمل، وقد عمدت إلى ترك الجدار على طبيعة الطرز المعدني، ونقلت الاخضرار للأوراق حتى لا تختفي بصمتي، وتظل الشجرة محافظة على جاذبيتها وسر جمالها الأصلي". بالنسبة للمادة الأولية، يقول المتحدث بأنها موجودة وبثمن لا بأس به، لكن هي من الصنف الثاني، لأن العثور على المادة الجيدة من الصنف الأول يريحه من العودة إلى الرتوشات. وبخصوص الأعمال التي يسعى إلى تجسيدها، قال بلقاسمي: "أنا بصدد التحضير لإعداد لوحات من التراث الوطني بالطرز المعدني، إلى جانب لوحات طبيعية، فأنا ابن الكشافة وأحبها، لهذا حضرت لوحة تعكس غابة خميستي بنواحي تيبازة بها 6 أشجار، إلى جانب التحضير لصناعة شجرة الزيتون ب 2200 متر، ثم لوحة لواحة تضم 3 نخلات، إحداهن مائلة أصنعها بالنحاس، لأن ألوانه متباينة بين الأصفر والبني والأسود". أنا أعبر عن طريق الفن، هكذا قال محدثنا عن سر الأشكال التي يختارها، فمنها ما أطلق عليه قوة الفكر، والخفيف على القلوب، وأشار إلى أن الفضل يرجع إلى الله عز وجل، وبالدرجة الثانية إلى الزوجة الصالحة التي هيأت لي أجواء العمل فيقول: "لقد ساعدتني وشجعتني في بحوثي، فهي تعرف الروح الفنية التي أملكها، وتحترم فلسفتي في الحياة، التي تعكسها أعمالي".