أكد الوزير الأول السيد عبد المالك سلال، أن الجزائر لا توجد اليوم "في وضع صعب تماما"، إلا أنه بالمقابل دعا الشعب الجزائري إلى التحلّي بالتضامن والثقة في الحكومة خلال 2015، مشيرا إلى أنه لن يتم أبدا المساس بالإجراءات المتعلقة بتطوير الاقتصاد ولا تلك التي تضمن مستوى معيشة ورفاهية المواطنين، لكن طالب بالتعقل في المطالب الاجتماعية لاسيما تلك المتعلقة برفع الأجور، معلنا عن تأجيل التوظيف في الوظيف العمومي بكل القطاعات السنة المقبلة. وعاد السيد سلال، أمس، في تصريح صحفي على هامش تدشينه معرض الإنتاج الوطني بالعاصمة، إلى الاجتماع الأخير الذي وصفه ب"المهم جدا" مع رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، والذي تناول الوضع الاقتصادي للبلاد مع تقلبات سوق النفط، والإجراءات التي خرج بها. وقال في هذا الصدد "الشيء المؤكد اليوم أن الجزائر ليست في ظروف صعبة تماما، بالنظر إلى الإنجازات العظمى لرئيس الجمهورية"، خاصا بالذكر مسح الديون الخارجية للجزائر، ووجود احتياطات مالية تكفي لتغطية حاجيات البلاد لمدة أربع سنوات. لكن الوضع يتطلب اتخاذ إجراءات أهمها كما أشار إليه الوزير الأول تأجيل التشغيل في الوظيف العمومي خلال 2015، في كل القطاعات بدون استثناء. إضافة إلى "تقليص بعض المشاريع الكبرى التي يمكنها الانتظار مثل السكة الحديدية والترامواي"، فيما تحدث عن مواصلة المشاريع الكبرى التي لا تتكفل الدولة بتمويلها مباشرة، إذ لا تكون نفقاتها عن طريق ميزانية التجهيز ولكن عن طريق البنوك. وقال إن تدشين معرض الإنتاج الوطني كان فرصة للتأكيد على الذهاب تدريجيا نحو تدعيم وتسهيل أكبر للاستثمار خارج قطاع المحروقات، وهو ما شدد عليه مع المنتجين والمقاولين وأصحاب المؤسسات الذين التقاهم بالمناسبة. وذكر بأن هذا المسعى تم الشروع فيه منذ عام ونصف، وأن الحكومة ستواصل عملها من أجل تدعيم القطاع الاقتصادي خارج المحروقات باعتباره مولدا للإنتاج وللثروة ومناصب الشغل. لكن "هذا لا يعني أننا لن نواصل مجهوداتنا لتطوير قطاع المحروقات"، مثلما أشار إليه السيد سلال، الذي كشف بأن عام 2016 سيشهد ارتفاعا في الإنتاج الجزائري من المحروقات بفضل اكتشاف 120 منبعا للغاز والبترول خلال السنتين الماضيتين. إلا أنه اعتبر أنه من المهم بما كان أن يتعلم الجزائريون "الاقتصاد في النفقات"، و"التضامن مع بعضهم البعض". دون أن يعني ذلك – كما أضاف- تخلي الدولة عن تطوير اقتصادها ورفاهية أبنائها، مشددا على أنه "لا رجوع إلى الوراء"، و"لا رجعة في المبادئ الاقتصادية "لاسيما قاعدة 51 / 49 المتعلقة بالاستثمارات الأجنبية في الجزائر. أما بالنسبة للانضمام إلى المنظمة العالمية للتجارة، فبدا من خلال تصريحات الوزير الأول، أن هناك مراجعة لموقف الحكومة من الموضوع، إذ قال "سنواصل النقاش حتى نرى أين تكمن مصلحتنا". وتبقى رسالة مسؤول الجهاز التنفيذي للجزائريين خلال سنة 2015، هي "التضامن القوي والثقة القوية بين الحاكم والمحكوم"، مشيرا إلى ضرورة عدم تعقيد الأمور بالنسبة لبعض القضايا والمطالب، خاصا بالذكر "الأجور". وقال في الأخير إن هذه الإجراءات تعبّر عن حقيقة الوضع وعن سياسة الحكومة النابعة من تعليمات رئيس الجمهورية "التي ستجسدها الحكومة في الميدان مهما كلّفنا الأمر"، كما أكد عليه. وكان رئيس الجمهورية، خلال مجلس مصغر خصص للتطورات المسجلة على مستوى السوق النفطية الدولية، قد كلف الحكومة بالسهر على ترشيد النفقات العمومية لاسيما على مستوى ميزانية التسيير، وترشيد الواردات وتعزيز مراقبة عمليات تمويل التجارة الخارجية بغية "تفادي كل أشكال تهريب رؤوس الأموال". وكذا ترشيد الاستهلاك الداخلي للطاقة. مع الإبقاء على البرنامج الخماسي للاستثمارات العمومية، وتكييف وتيرة وأولويات إطلاق المشاريع الجديدة والتحكم في تكاليفها. وتعد الطبعة الثالثة والعشرون لمعرض الإنتاج الوطني التي افتتحت أمس، وتمتد إلى غاية 30 ديسمبر الجاري، على مستوى قصر المعارض، فرصة هامة للتأكيد على أهمية ترقية المنتج الوطني، من خلال استعراض قدراته الحالية، وكذا الاستماع إلى انشغالات المتعاملين الجزائريين الراغبين في الاستثمار وفي التصدير كذلك. وقد شدد الوزير الأول، في لقائه مع المشاركين بالمعرض على رسالة "التصدير"، إذ دعاهم إلى استكشاف الأسواق الخارجية، وعدم التردد في خوض غمار هذه التجربة، مستغلين الإجراءات التحفيزية التي توفرها الحكومة لتشجيعهم ومرافقتهم في هذا المسعى. ويعرف المعرض بأنه "تظاهرة اقتصادية وتجارية رائدة على المستوى الوطني"، "تقليد سنوي يجمع كل القطاعات الاقتصادية بالبلاد". وبالنسبة للمنظمين فإن هذه الطبعة تعتبر فرصة لرفع تحد جديد لاقتصادنا الوطني الملزم بالمواجهة في سياق اقتصاد عالمي منفتح ومعولم، وذلك من خلال تطوير قطاعات اقتصادية قوية ديناميكية وتنافسية في سبيل تحقيق الثروة وخلق مناصب العمل. ويعد معرض الإنتاج الوطني فضاء يعكس بطريقة أو بأخرى الإرادة والرغبة في رفع هذه التحديات – حسب المنظمين- وذلك عن طريق متعاملين جزائريين يركزون حاليا بشكل كبير على تحسين جودة المنتج وتكلفته باعتبارها جزء لا يتجزأ من استراتيجية مؤسساتهم. وتم تخصيص فضاء للبيع الترقوي. كما خصص جناح للهيئات المتخصصة في دعم المؤسسات الجزائرية. يذكر أن مساحة العرض تبلغ 13577 مترا مربعا في هذه الطبعة مقابل 7790 في 2013، فيما يبلغ عدد العارضين 418 مؤسسة وهو ضعف عدد المشاركين في طبعة 2013، الذي قدر ب209 مؤسسة. ونسجل أن عدد مؤسسات القطاع الخاص فاق عدد مؤسسات القطاع العام المشاركة، إذ قدر العدد بالنسبة للأولى 232 مؤسسة فيما بلغ بالنسبة للثانية 186 مؤسسة. وأكثر القطاعات الحاضرة في هذه الطبعة هي فروع صناعية مثل الميكانيك وصناعة الحديد والصلب والصناعات التحويلية، فضلا عن الصناعات الغذائية والطاقة والكيمياء والبتروكيمياء، إضافة إلى الخدمات والمالية.