يشكل انحراف الشباب مشكلة عويصة تهدد الأمن العمومي والتماسك الأسري جراء استنزاف طاقة بشرية هائلة في ساحة الإجرام، وانطلاقا من هذه الحقيقة المرعبة يعمل مركز استقبال وإصغاء وتوجيه الشباب المعرض لخطر معنوي "الأنيس" بباب الوادي منذ سنة 1998 على استقبال الأطفال والشباب الذين يعانون من صعوبات مهما كان نوعها تطبيقا لمبدإ الانقاذ قبل الانحراف· يستقبل مركز الأنيس -حسب مديرته- كل طفل يفوق عمره 10 سنوات الى جانب شباب من مختلف الأعمار، حيث أن الإستقبال لا يرتبط بمواعيد والتوجيه يتم بصفة مجانية لأن الهدف في النهاية يكمن في سد الطريق المؤدي الى الانحراف والإدمان على المخدرات· ويستقطب المركز أشخاصا يعانون من مشاكل مختلفة و غالبا ما تكون الأم الطرف المبلغ عن وجود شخص منحرف أو يعاني من صعوبات في الأسرة· وحسب الحقائق المستقاة فإن القلق يعد أول مشكل يطرحه الشباب، إذ وراء هذه الظاهرة تقف ظروف المعيشة الصعبة ومشاكل البطالة والسكن، فضلا عن الظروف الأمنية التي أثرت كثيرا على نفسية الشباب، فالمشاكل النفسية وبعض العوامل الاجتماعية تهدد بسلك طريق الإجرام عندما تتحد مع الإحساس بالفراغ· وتوكد مديرة المركز أنه حينما يصطدم ضعف الشخصية مع بعض المشاكل، عادة ما يفكر البعض في التدخين الذي قد يفتح أمامهم أبواب الإدمان على المخدرات· ولقد تابع المركز حالات كثيرة أدمنت على تناول القنب الهندي، كما أن هناك حالات أدمنت على استهلاك خليط الأدوية الخاصة بالأمراض العقلية، القنب والمشروبات الكحولية، بعض هذه الحالات لجأت الى المخدر هروبا من المشاكل المدرسية والعائلية، في الوقت الذي تراود أفكار الإنتحار البعض الآخر من الشباب الذي يعاني من صعوبات، وعلى هذا الأساس يسعى مركز الأنيس لجذب هذه الفئة ومتابعتها لوقايتها من الإنزلاق في محيط الجريمة· ومن ناحية أخرى يهتم مركز الأنيس أيضا بحل المشاكل العاطفية، حيث أن حالات عدة من كلا الجنسين تقصد المركز لهذا الغرض· وتتكفل مصلحة الاستقبال والإصغاء على مستوى المركز بالاستماع الى الحالات التي تقصدها والتي يشرف عليها مختصون في علم الاجتماع، أما بخصوص ذوي الأمراض العقلية فإنهم يتلقون متابعة من طرف طبيب نفساني ثم يوجهون نحو طبيب الأمراض العقلية، في حين يتم توجيه المدمنين على المخدرات الى مستشفى فرانس فانون بالبليدة، حيث يتلقون العلاج الكفيل بتصفية دمائهم· لكن لا تتوقف مجهودات هذا المركز عند هذا الحد إنما تتعداها نحو التنقل مباشرة الى المدارس للكشف عن الحالات التي تعاني من مشاكل قد تتعلق بضعف التركيز، الإضطراب بسبب المشاكل العائلية والتخلف الذهني وغيرها من العراقيل التي قد تكون سببا في التسرب المدرسي، وبالتالي الإرتماء في أحضان الشارع ومخالطة رفاق السوء، علما أنه من ضمن الحالات التي يتكفل بها المركز طفل في سن التاسعة يدمن على استنشاق الغراء! ويتوفر مركز الأنيس على مكتبة يتم من خلالها تهيئة الطفل والمراهق لتقبل العلاج النفسي، الذي يتطلب حضور ومساعدة الأولياء للقضاء على المشكل من الجذور، في الوقت الذي يتم فيه التحضير لفتح ورشات علاجية أخرى بديلة عن المتابعة النفسية التي ينفر منها الكثيرون، وعموما يبقى مسعى انقاذ الشباب ضرورة ملحة تنتظر تظافر جهود كافة أطراف المجتمع الفاعلة، لاسيما في ظل استفحال ظاهرة الإجرام وتطور أساليبها في الوقت الراهن· *