كشف عبد الحميد بوداود رئيس الجمعية الوطنية للمهندسين المعماريين، أن عدد البناءات غير المطابقة على المستوى الوطني بلغ 1.8 مليون وحدة، حسب آخر إحصاء ل 2008، مشيرا إلى أن الرقم يكون قد ارتفع بنسبة كبيرة مع تواصل عملية البناء بطرق غير قانونية ودون مراعاة الشروط المعمول بها، موضحا أن حالة الفوضى التي تعرفها مدننا وعمراننا حاليا، ناتجة عن غياب استراتيجية وطنية واضحة في مجال البناء والتعمير، وانعدام التوازن بين المدينة والريف. كما أبدى المتحدث أسفه لغياب ثقافة العمران لدى المواطن، الذي نادرا ما يلجأ أو يستشير مهندسا معماريا قبل الشروع في البناء؛ ما أوصل المدن إلى ما هي عليه من تشويه وانحطاط في المظهر مع ما تشكله هذه البناءات من أخطار على أصحابها وعلى الناس؛ لعدم مطابقتها. وأضاف المهندس الذي نزل أمس ضيفا على منتدى جريدة "ديكا نيوز"، أن عدم التوازن المسجل بين الريف والمدينة منذ سنوات طويلة مع ما تعرفه الأرياف من عجز وفي الكثير من الحالات انعدام تام للمرافق، شجّع مئات الآلاف من السكان على النزوح نحو المدن، لا سيما من منطقة الجنوب، التي بقيت تعاني لسنوات من غياب المرافق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية ومن تباطؤ وتيرة التنمية. وتُعتبر حالة العمران في المدن وعلى رأسها العاصمة، نتيجة حتمية لغياب التوازن الذي سرّع وتيرة بناء المواطنين لسكناتهم بدون أية مرافقة تقنية وهندسية؛ فالمهم هنا هو الحصول على سقف في أسرع وقت ممكن وبأية طريقة متاحة. وقد بلغ عدد الملفات المعالجة في إطار القانون رقم 15/08 المتعلق بمطابقة البنايات وتسويتها، حسب السيد بوداوود، 300 ألف ملف فقط، وهو رقم ضئيل جدا مقارنة بالرقم الإجمالي للبناءات المعنية بالعملية. وبخصوص المهلة التي منحتها الحكومة والتي أعلن عنها مؤخرا وزير السكن والعمران والمدينة عبد المجيد تبون، فقد أكد على اللجوء إلى هدم كل البناءات التي لم يتم تسوية وضعيتها مع نهاية 2016. وعاتب المتحدث المواطن على سلبيته وعدم احترامه المحيط العمراني الذي يعيش فيه؛ إذ يرى أن الجزائري لا يهمه إلا مسكنه من الداخل، أما خارجه فهو مستقيل منه تماما ولا يعنيه، إلا أنه عاتب الإدارة هي الأخرى بالقول إنها بقيت صامتة طيلة سنوات أمام وضعية غير قانونية وغير مقبولة، وهو الصمت الذي زاد من انتشار البناء بدون رخصة وبدون اعتماد أبسط الشروط المعمول بها. ودعا في هذا الصدد السلطات العمومية، "إلى إخراج يديها من القفازات، واللجوء فورا إلى الردع لإيقاف الكارثة العمرانية"، متسائلا: "أين شرطة العمران؟ وأين الرقابة التي من المفروض أن تقوم بها المصالح البلدية؟". وقدّم المهندس الاستراتيجية التي تقترحها جمعيته للسلطات العمومية؛ قصد حل مشكل البناءات غير المطابقة، والتي تتضمن وجوب قيام كل بلدية بإحصاء البناءات على مستوى إقليميها، وتصنيفها بين ما يجب ترميمها أو تصحيحها وما يجب هدمها، مع التنسيق بين الإدارة والخبراء المتخصصين في الميدان.