إذا كان كلّ شخص عبر العالم يستعمل اللغة التي تناسبه سواء تعلّق الأمر بالكلمات أوالإشارات أوالإيماءات، فإنّ عادل طيّار المصور الفوتوغرافي بقسنطينة، اختار اعتماد «اللغة البصرية» عن طريق الصورة التي يتقنها بطريقة مدهشة. يعترف هذا المصور الفوتوغرافي الشاب الذي تابع تكوينا جامعيا تقنيا قائلا: «إنّ فضولي واهتمامي بالفن ليس وليد اليوم كوني ومنذ طفولتي كنت مبهورا بالرسم، حيث كنت أرسم في بعض الأحيان ما تقع عليه عيناي وفي أحيان أخرى ما يمر بذهني وأنا اليوم سائر بعزم لمواصلة دربي»، فبالنسبة لعادل تعدّ الصورة «أفضل وسيلة للتعبير والتواصل» بالنظر لتأثيرها «الهائل»، حيث يوضّح فكرته أكثر فيقول «مثل جميع الممارسات الفنية، تعدّ الصورة إحدى أشكال اللغة التي تتولّد من خبرة وخيال الأفراد وتمكّننا هذه اللغة من خلال الصورة من التعبير عمّا نشعر به وما نفكّر فيه وعن نوايانا وأحلامنا ورغباتنا..»، حسبما يضيفه هذا الفنان الذي خصّص فترات طويلة لمطالعة العديد من الكتب في هذا المجال. وينكب عادل المحبّ للتصوير الفوتوغرافي منذ صغر سنه على قراءة جميع الكتب والمجلات التي تتناول هذا الفن الذي يحبه حد النخاع، ففي سنة 2000 تابع تكوينا في التصوير الفوتوغرافي بدار الشباب «أحمد سعدي» بحي فيلالي، حيث أتيحت له الفرصة لصقل موهبته والاحتكاك المباشر مع آلة التصوير التي يعشقها. ومثل كلّ البدايات، كانت بداية عادل محتشمة، حيث استهل مسيرته الحقيقية في عالم الصورة ولمدة 7 سنوات كرسام ومصمّم ومصمّم رسوم بيانية، ولكونه متشبّثا بفنه، تعايش بل تجاوز جميع العقبات التي صادفها في مساره لتأتيه الفرصة التي لطالما انتظرها في سنة 2010 وهي ولوج عالم التصوير الفوتوغرافي بصورة حقيقية وذلك بفضل أوّل مشاركة في الصالون الوطني للصورة الفوتوغرافية بالوادي، حيث تحصّل على إحدى جوائز الصالون، وهي الجائزة التي يرى عادل بأنّها «بالرغم من أنّها شكّلت تحفيزا كبيرا لي إلاّ أنّ الإعجاب الكبير الذي حظيت به صوري في الصالون كان له الوقع الأكبر في قلبي»، ومن هنا كانت البداية، فبعد مدينة الألف قبة، توجه إلى العديد من ولايات الوطن على غرار قالمة والأغواط وعنابة وحتى تلمسان ومسقط رأسه قسنطينة التي حازت أعماله التي عرضها بها على الثناء الكبير، ويضيف الفنان «باعتباري جامعي، أنا مقتنع بأنّ التصوير الفوتوغرافي فن وعلم في آن واحد»، معترفا بأنّ حبه لهذا الفن جعله يداوم على قراءة بعض الكتب القديمة المخصّصة لفن التصوير الفوتوغرافي، بل وحتى نفض الغبار عن البعض الآخر منها. ولأنّه يطمح لفتح آفاق أوسع تمكنه من المضي قدما في الطريق الذي اختاره لنفسه، شارك عادل في العديد من الأيام الدراسية والورشات سواء كمحاضر أو منشط وذلك بغية «جعل الأشخاص ولاسيما الأطفال يتعودون بل ويتآلفون مع عالم التصوير الفوتوغرافي وحثّهم على تفادي عملية النسخ واللصق من الإنترنت عند إنجاز بحوثهم، بل القيام بالتقاط الصور بأنفسهم». وبفضل العمل الجاد والمثابرة، أتيحت لعادل فرصة أخرى بقسنطينة وتحديدا بقصر «أحمد باي» الذي عرض به مجموعته «العدسة الزيتية» التي حاول فيها مزج المعالجة التقنية مع التصوير الفوتوغرافي في أعماله لتبدو وكأنّها لوحة زيتية وذلك بهدف «تحريك فضول الزوار وجعلهم يعجبون بعالمي الصورة والفن التشكيلي في آن واحد»، وتمثّل أغلب لوحات هذا الفنان مشاهد لمعالم ومواقع خلاّبة لمدينته، حيث تتجلى موهبته بشكل كبير عندما يجعل المشاهد يخلط في بعض الأحيان لدى مشاهدة أعماله بين الصور واللوحات الزيتية، إذ يبدو العمل للوهلة الأولى مجرد صورة لكن عند الاقتراب أكثر يكتشف بأنّها خضعت لمعالجة رقمية عن طريق الحاسوب. ويطمح عادل الذي أودع ملفا للحصول على بطاقة الفنان لتحضير كتاب يجمع فيه جميع أعماله، علاوة على تنظيم معارض في إطار منظم حتى تكون «مفيدة للمصورين الفوتوغرافيين بمدينته، بل وحتى خارجها». وفي الأخير، يعترف هذا المصوّر الفوتوغرافي الموهوب بأنّ أكبر طموحاته بل وأعزّها على قلبه هو تقاسم حبّ التصوير الفوتوغرافي مع أكبر عدد من الأشخاص.