تم جر الفلسطينيين ومن ورائهم العرب إلى مفاوضات السلام والوهم، مع اسرائيل تحت شعار تضليلي اسمه "الأرض مقابل السلام”، غير أن في كل مرة كانت تتمسك فيه اسرائيل بالسلام الكامل مقابل أراض مجزأة يطالها التسويف حتى ينتقل الكيان الصهيوني إلى مرحلة أخرى من المفاوضات يرفع فيها سقف مطالبه. وانتهت المفاوضات باحتواء الصراع العربي الاسرائيلي وتقزيمه حتى أصبح صراعا فلسطينيا اسرائليا خاليا من البعد العربي، ونشهد اليوم هذا الصراع يتكرس يوما بعد يوم ليصبح صراعين أحدهما في غزة والآخر في الضفة، وربما أصبح ثلاثة إذا أحكمت اسرائيل طوقها على القدس شرقها وغربها بما فيها المسجد الأقصى الشريف. فإسرائيل التي تعتبر القدس عاصمتها ”الأبدية”، وتجاهر اليوم بأنها تريد فلسطين من البحر إلى النهر لإقامة الدولة العبرية العنصرية، تسعى إلى تحقيق هدفها الأول والأخير وهو ”الأرض والسلام” معا. وهي من أجل ذلك تحتفظ إلى اليوم بأراض لبنانية وسورية محتلّة للمساومة على السلام وبالرغم من أن لوائح الأممالمتحدة واتفاقات السلام تقضي باسترجاع هذه الأراضي. وعندما تقف اسرائيل اليوم، في وجه المبادرة الفرنسية لبعث عملية السلام فهي تسير في الخط الذي رسمته لنفسها والمتمثل في إفشال كل محاولة من هذا النوع لأن السلام ليس من أهدافها، كما أنه يحد من أطماعها في فلسطين وفي جوار فلسطين لأنها ببساطة تعمل على إقامة اسرئيل الكبرى. وليفهم الفلسطينيون والعرب أن اسرائيل لا تقبل بالمعادلة مجزأة بل تريدها كاملة ”أرضا وسلاما”.