القدس هي حجر الزاوية اليوم في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. ففي الوقت الذي يتمسك بها الجانب الفلسطيني عاصمة بلدهم التي لا بديل عنها تقرها اسرائيل عاصمة موحدة للدولة العبرية. وإذا كان التشبث بها عاصمة لفلسطين لا يحتاج إلى دليل جغرافيا كان أو تاريخيا أو دينيا فإنها بالنسبة لإسرائيل ومن يدعمونها في هذا الصراع فكرة دينية في الأساس من بنات أفكار المسيحية الصهيونية قبل حتى أن تكون فكرة يهودية. وقد أظهرت الأحداث أن الطرف الاسرائيلي مصر على ضم القدس كل القدس لتكون عاصمة الدولة اليهودية تمهيدا للعودة الثانية للمسيح (عليه السلام) وفق النبوءة التوراتية والذي سيحكم العالم من القدس ألف عام يملأ فيها الأرض عدلا بعد أن تكون قد ملئت جورا، وهو اعتقاد غير قابل للنقاش عند المسيحية الصهيونية الأمريكية التي ترى نفسها مكلفة بانجاز هذه الإرادة التوراتية. وهذا ما يفسر التسويف الذي صاحب وعد الرئيس الأمريكي الذي يحزم أمتعته لمغادرة البيت الأبيض بخصوص قيام دولة فلسطينية قبل نهاية عهدته في 2008، وهو ما يؤكد كذلك اقرار رئيس الحكومة الصهيونية بأن القدس غير مدرجة في جدول المفاوضات باعتبارها قضية محسوم فيها في استراتيجية الإحتلال، ويترجمها تسريع وتوسيع البؤر الاستيطانية في القدس. وعليه فإن الاطراف المعنية في الصراع العربية والإسلامية مطالبة بالبحث عن آليات خارج الرعاية الأمريكية لمشاريع حله لتكون بديلا موضوعيا عمليا منصفا وحشد القوة العسكرية والدبلوماسية والمعنوية الكفيلة بفرضه محليا وأقليميا ودوليا، لأنه بدون ذلك سيطلب من العرب التنازل عما لم يعد لديهم ما يتنازلون عنه من أجل سلام كان ومازال وسيكون مجرد وعد لا يتحقق.