ماقامت به إيطاليا مؤخرا بتعويضها ليبيا عن سنوات استعمارها، يعدّ تصرّفا متميّزا وتاريخيا، وعبرة لمن يعتبر، فهي بذلك تؤسّس لثقافة جديدة تكرّس الإعتراف بالخطأ والعمل على محو آثاره بالمبادرات الحسنة والإحسان إلى الضحايا.. إيطاليا اليوم تكون قد افتكّت "السبق الحضاري" ونالت استحسان شعوب العالم، خاصة تلك التي اكتوت بنيران الاستعمار ورزحت تحت نيره ردحا من الزمن.. ولعلّ هذه الخرجة الإيطالية والسابقة الإنسانية تجعل الأنظار تتحول إلى دول أخرى مارست الاستعمار ولا تزال على الشعوب المستضعفة، وترفض كلَّ مساعي الاعتذار للشعوب المستعمَرة وتدير ظهرها لمطالب التعويض عن جرائم الحرب. وتعدّ الجزائر أكبر المتضررين من آثار الاستعمار الفرنسي الذي جثم بأرضنا مائة وثلاثين عاما، وكذلك الأمر بالنسبة لعدة مستعمرات أخرى أنجليزية وألمانية وأمريكية وإسرائيلية.. وغيرها.. وإذا كان العالم تحدّث عن "المثال الإيطالي" وتفجأ بالدبلوماسية الإيطالية الجديدة، فإنّ التساؤل يبقى مطروحا بشأن الدول الكبرى الأخرى التي مارست "هواية الاستعمار"، وينتظر منها أن تحذو حذو "الطاليان" في إزالة آثار الحقد وإعطاء المتضررين من حملات القتل والجرح والتشريد حقوقهم الإنسانية. فهل تتّعظ فرنسا وتحذو حذو إيطاليا وتعترف رسميا بجرائمها المقترفة ضد الشعب الجزائري كخطوة أولى نحو التعويض عن الضرر وطي صفحة الماضي، لفتح صفحة جديدة في العلاقات بين الجزائروفرنسا؟.