اعتبر رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح، أمس، مسعى رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، الذي تضمنته رسالته الأخيرة إلى الأمة، خارطة طريق للعهدة الرئاسية الحالية، فيما وصف حصيلة الدورة الربيعية لمجلس الأمة، بالايجابية بالنظر إلى عدد القوانين التي تمت دراستها والمصادقة عليها، وتوقع أن تكون الدورة المقبلة في غاية الأهمية، خاصة في حال تناولت تعديل الدستور إذا قرر رئيس الجمهورية ذلك. وأوضح بن صالح، في كلمته خلال الجلسة الختامية للدورة الربيعية لمجلس الأمة، والتي حضرها رئيس المجلس الشعبي الوطني محمد العربي ولد خليفة، والوزير الأول عبد المالك سلال، وأعضاء الطاقم الحكومي ومسؤولو هيئات عمومية، أن الرئيس بوتفليقة، أراد من خلال رسالته التي وجهها إلى الجزائريين بمناسبة عيد الاستقلال والشباب، إعادة تأطير العمل السياسي على الساحة الوطنية، مع التذكير بأن مشروع تعديل الدستور الذي ستنبثق عنه الأطر الجديدة لممارسة السلطة هو في مرحلته النهائية، والتأكيد على أنه لن يكون هناك استحقاق خارج الاستحقاقات المؤسساتية المحددة قانونا، مشيرا إلى أن "هذا يدل وبطريقة أكثر وضوحا، بأن مسعى رئيس الجمهورية، هو أبعد من أن يكون موقفا اقتضته المرحلة، وإنما هو في الواقع خارطة طريق للعهدة الحالية". وأعرب بن صالح، من جانب آخر عن ارتياحه للمناخ العام والأجواء الروحانية وأجواء الأمن والطمأنينة التي سادت البلاد خلال شهر رمضان الفضيل، "ولما توفر أثناءه من خيرات وفيرة في الأسواق أرضت رغبات المواطنين المتنوعة". وإذ نوّه بالجهود المبذولة من قبل الحكومة في مجال التحكم في الأسعار، سجل رئيس مجلس الأمة في سياق متصل تراجع ظاهرة المضاربة وارتفاع الأسعار، معربا عن أمله في أن تستمر مثل هذه الوضعية لما من شأنه أن يخفّف من أعباء المواطن طيلة أشهر السنة. كما عرّج السيد بن صالح، في كلمته على الجهود التي تبذلها الجزائر في محاربتها للإرهاب، منتهزا الفرصة للإعراب عن تنديده بالعمليات الإرهابية الجبانة التي تعرضت لها مدينة سوسة التونسية، وتلك التي وقعت في مصر والكويت وتقع في مختلف بلدان العالم، لا فتا إلى ضرورة تقوية الجبهة الداخلية لمجابهة كافة التحديات الأمنية التي تهدد الجزائر، في ظل الوضع الأمني الذي يهدد حدودها وتزايد تراجع أسعار النفط واستمرار الأزمة الإقتصادية. وفي هذا الإطار وبعد أن دعا إلى تكثيف العمل التحسيسي لتوعية الجزائريين بصعوبة المرحلة، شدّد رئيس مجلس الأمة، على أن الواجب يقتضي من الفاعلين السياسيين ومن بينهم المعارضة إعادة ترتيب الأولويات وتوجيه نقاشات الساحة السياسية بما يخدم المصلحة العليا للبلاد، مهيبا بمختلف مكونات الساحة السياسية "إبقاء مؤسسات الجمهورية ورموزها بعيدة عن الجدل السياسوي غير المؤسس". وفي تقييمه للدورة الربيعية لمجلس الأمة اعتبر بن صالح، أن هذه الدورة كانت هامة ومتنوعة في نشاطاتها وجاءت حصيلتها ايجابية بالنظر إلى عدد القوانين التي تمت دراستها والمصادقة عليها، وأشار إلى أن هذه القوانين التي شملت الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتهدف إلى تنظيم النشاطات من خلال إزالة النواقص والفراغات القانونية المسجلة، والتي لم تعد مسايرة للتطورات الحاصلة على المستويين المحلي والدولي، فيما جاء البعض من القوانين حسبه لتدعيم حقوق الإنسان، وتأكيد تمسك الجزائر بها وحمايتها لها. واستعرض المتحدث مجموعة النصوص القانونية التي تمت دراستها والمصادقة عليها خلال الدورة الربيعية، على غرار قانون تسوية الميزانية لسنة 2012، والقانون المحدد للقواعد العامة المتعلقة بالطيران المدني، وكذا القانون المتعلق بأنشطة الكتاب والقانون المتعلق بحماية الطفل، فضلا عن القوانين الخاصة بالجيش الوطني الشعبي والمتمثلة في القانون المتضمن إحداث وسام الجيش الوطني الشعبي، والقانون المتضمن إحداث وسام الشجاعة للجيش الوطني الشعبي، والقانون المتضمن إحداث وسام مشاركة الجيش الوطني الشعبي في حربي 1967 و1973. واعتبر بن صالح، أن هذه القوانين جاءت لحفظ الحق المعنوي لهذه الفئة وللتعبير عن عرفان الدولة بما قام به أفراد هذه الفئة لصالح الوطن، إيمانا منها بأن الجيش الوطني الشعبي هو حصن الجزائر ودرعها الواقي. كما ذكر بالمناسبة بالنصوص القانونية التي كانت مبرمجة خلال الدورة الربيعية ولم تتم المصادقة عليها، ومنها القانون المتعلق بمحاربة العنف ضد المرأة، لافتا إلى أن عدم المصادقة على هذه القوانين خلال الدورة الربيعية "لا يعني أنها ألغيت أو سحبت، بل هي ستأخذ كامل العناية المستحقة لها مستقبلا". وفي حين ذكر بأن هذه النصوص التي لم تتم المصادقة عليها ستكون في مقدمة المشاريع المبرمجة للدورة القادمة، توقع بن صالح، أن تكون الشهور القادمة في غاية الأهمية، لمنحها الفرصة لدراسة وتحديد الموقف من نصوص هامة، "ولعل الدستور إذا قرر السيد رئيس الجمهورية سيكون واحدا منها". وختم رئيس مجلس الأمة، كلمته بتجديد موقف الجزائر تجاه ما يحدث في مالي وليبيا، وذكر في هذا الصدد بأن الجزائر عملت تحت قيادة رئيسها على بذل أقصى الجهود ليعم الأمن والاستقرار في كافة دول المنطقة، مشيرا إلى أن هذه الحركية كلّلت بالنجاح في مالي. كما تطرق إلى قضية الصحراء الغربية، مجددا دعوة الجزائر إلى تمكين الشعب الصحراوي من تقرير مصيره وفقا للمقررات الأممية، مجددا في الوقت نفسه موقفها الثابت إزاء القضية الفلسطينية، ودعوتها إلى تمكين الشعب الفلسطيني من تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.