عادت أسعار اللحوم الحمراء والبيضاء إلى الارتفاع من جديد مع بداية شهر رمضان الكريم بسبب المضاربة والإقبال الكبير عليها من طرف المستهلكين، حيث بلغت مؤشرات الأسعار بالمذبح البلدي لحسين داي مستويات قياسية أرجعها تجار الجملة إلى قلة العرض مقارنة بارتفاع الطلب وهوما يسجله المذبح سنويا في مثل هذه المناسبات على أن تعود إلى مستوياتها العادية خلال الأسبوع الأول من شهر رمضان لكنها ترتفع من جديد مع تحضيرات العيد المبارك . تعتبر اللحوم الحمراء والبيضاء من بين المواد الغذائية الرئيسية على مائدة الصائم وهوما يجعل المستهلك الجزائري قبل بداية الشهر الكريم وطوال أيامه في رحلة البحث عن ارخص الأسعار غير مبال بالمخاطر التي قد تهدده في بعض الأحيان، وهناك من يكتفي باللحوم المجمدة خاصة بعد أن جمدت الحكومة قرار استيراد لحوم الغنم المجمد . الزيارة الميدانية التي قادتنا إلى المذبح البلدي لحسين داي جعلتنا نقف على المضاربة التي تحدث في مثل هذه المناسبات حيث يرتفع الطلب على اللحوم الحمراء للغنم والبقر على حد سواء حيث سجل بلوغ مؤشرات الأسعار لمستويات قياسية بعد أن وصل سعر الكيلوغرام الواحد من لحم البقر إلى 670 دج أما الغنم فتراوح بين 560 و580 دج، أما عن أحشاء الماشية فتباع على حدة، حيث بلغ سعر الكيلوغرام الواحد من الكبد إلى 1000 دج أما الرأس والأرجل فبسعر 500 دج ، وما شد انتباهنا بالمذبح هو ذلك الإقبال الكبير من المواطنين، حيث أصبحت الحظيرة لا تستوعب كل ذلك الكم الهائل من المركبات المرقمة اغلبها بالعاصمة، نساء رجال وكهول يتجولون وسط المذبح للبحث عن السعر الأقل والنوعية حيث تقول إحدى السيدات أنها تستطيع التفرقة بين مختلف أنواع اللحوم خاصة إذا تعلق الأمر بالخروف والنعجة ، كما تعودت خلال كل المواسم الدينية التنقل مع ابنها للمذبح لاختيار لحم الخروف المناسب، أما عن الأسعار المتداولة والتي تختلف من تاجر إلى آخر تقول محدثتنا أن الأمر كله يتعلق بشطارة تاجر الجملة لأن الأسعار تختلف من الساعات الصباحية إلى ما بعد منتصف النهار. وفي حديثنا مع احد تجار الجملة فقد ارجع هذا الأخير سبب ارتفاع الأسعار إلى الموالون أنفسهم الذين يستغلون المناسبات لرفع سعر ماشيتهم المعروضة للبيع "بالإضافة إلى المبالغ التي ندفعها نظير تأجير مربع البيع والذبح والنظافة والطبيب البيطري فكلها تكاليف تدخل في الأسعار التي نحددها نحن حسب العرض والطلب" قال محدثنا مضيفا أن كلما زاد الطلب عن العرض ترتفع الأسعار، لكنها سرعان ما تعود إلى مستوياتها العادية خلال الأسابيع الأولى من شهر رمضان لترتفع من جديد في الأيام الأخيرة، حيث تحضر العائلات الجزائرية طبق الكسكسي بلحم الخروف أول أيام العيد . ومن جهته أكد مدير المذبح البلدي بحسين داي السيد بودواية ل "المساء" أن هيئته لا يمكنها التدخل في تحديد الأسعار التي يطبق عليها قانون السوق لتبقي مسيرة لمختلف الخدمات المقدمة والعين الساهرة على السير الحسن لعملية الذبح التي تتم غالبا في المساء والنظافة وحفظ سلامة المواطن من خلال المراقبة الطبية التي يقوم بها طبيبان بيطريان من وزارة الفلاحة والتنمية الريفية، وعن الإقبال الكبير على المذبح أشار المسؤول انه يعود أساسا إلى ارتفاع عدد الأزواج العاملين في العاصمة حيث لا تسمح لهم الظروف بالتنقل يوميا إلى المحلات التجارية لاقتناء مستلزماتهم فيفضلون شراء شاة كاملة لتقسم وتوضع بالمبردات إلى حين استعمالها، أما عن عدد رؤوس الماشية التي يستقبلها المذبح يوميا خلال الفترة الأخيرة فقد بلغت بين 1400و1500رأس غنم بين خرفان وبقر حيث تم تهيئة مساحة أسفل المذبح لاستقبال الموالين الذين يبيعون الماشية مباشرة لتاجر الجملة الذي يتكفل هو بالذبح والسلخ من خلال استئجار عمال ألفوا هذه المهن قبل أن يمر البيطري ويحدد نوعية الماشية لتتم عملية البيع في صباح البوم الموالي حيث يكون تجار التجزئة السباقين لشراء سلعهم والتي غالبا ما يتم تحرير طلباتهم في نفس اليوم الذي تستقبل فيه الماشية، وبعد الساعة العاشرة صباحا يتزايد عدد زوار المذبح من كل الفئات. ويؤكد المترددون على المذبح البلدي بحكم التجربة أن سقف الأسعار يبقى على حاله طوال أيام الشهر الكريم، فحتي اللحوم البيضاء الذي توقعت وزارة التجارة انخفاضها بعد نزع الرسوم الجمركية على الأغذية الحيوانية بمختلف أنواعها ارتفعت هي الأخرى، وأرجع المستهلك سبب ارتفاع المضاربة خلال هذا الشهر الكريم إلى غياب المراقبة من طرف مصالح التجارة التي لا تتدخل في مثل هذه الحالات إلا نادرا على حد قولهم، في حين ارجع تجار الجملة الأمر إلى قلة العرض خاصة بالنسبة للحوم البيضاء.