أكدت الجزائر، أمس، استعدادها التام لمواصلة دعم الشعب الليبي الشقيق والتزامها بمرافقة الحكومة الليبية الجديدة لضمان فترة انتقالية هادئة، واصفة إعلان الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة من أجل ليبيا، والقاضي بتشكيل حكومة قادرة على رفع التحديات التي يواجهها هذا البلد بالأمر ”الواقعي وذي المصداقية”. جاء ذلك في بيان للناطق باسم وزارة الشؤون الخارجية، عبد العزيز بن علي الشريف، لوكالة الأنباء الجزائرية، حيث أشار إلى أن الجزائر ما فتئت تعمل من أجل التوصل إلى حل سلمي للنزاع الليبي. مضيفا أن بلادنا تدعو كل الأطراف الليبية إلى ”دراسة هذا المقترح وكذا التوصيات واللوائح الصادرة عن مجلس الأمن الأممي بتمعن وروية ومسؤولية، لتسهيل التوصل إلى حل سياسي سريع للأزمة، والحفاظ على المصالح العليا لهذا البلد الأخ والجار كي يتسنى له مباشرة مسار المصالحة والسلام”. وأضاف قائلا إن ”الأطراف الليبية مدعوة إلى اغتنام هذه الفرصة التاريخية، وقبول الحلول الوسطى التي لا بديل عنها لاجتثاث ليبيا من براثن المخاطر التي تحدق بها”، مؤكدا أن ”الجزائر تعتبر أن استمرار الوضع على ما هو عليه من شأنه تشجيع انتشار الإرهاب وبروز مخاطر كبرى على أمن المنطقة برمّتها”. وكان المبعوث الأممي إلى ليبيا، برناردينو ليون، قد قدم مقترحا يتضمن أسماء حكومة وحدة وطنية برئاسة فايز السراج، وهي الخطوة التي لقيت ترحيبا دوليا ودعوات إلى المصادقة عليها، للمضي قدما في مسار الحل السلمي لهذه الأزمة الذي ترعاه الأممالمتحدة. وكان وزير الشؤون المغاربية والاتحاد الإفريقي والجامعة العربية، السيد عبد القادر مساهل، قد شارك في بداية الشهر الجاري بنيويورك، في الاجتماع رفيع المستوى حول ليبيا المنعقد على هامش أشغال الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث جدد موقف الجزائر بخصوص ضرورة تشكيل حكومة وحدة وطنية في ليبيا تحظى بصلاحيات واسعة من أجل تولي تسيير المرحلة الانتقالية. وقد أكدت الجزائر أنه لا بديل لحل تفاوضي يرتكز على توقيع الاتفاق الذي تم استكماله، وتشكيل حكومة وحدة وطنية تحظى بصلاحيات واسعة من أجل تولي تسيير المرحلة الانتقالية، وتمكين ليبيا من وضع مؤسساتها الوطنية، من منطلق أن الوضع الراهن قد يفتح المجال لفراغ قانوني ومؤسساتي قد يجر هذا البلد الجار نحو المجهول. كما لم تتوان بلادنا على لسان الوزير مساهل، في التذكير بأن ”دورنا وواجبنا جميعا في هذه الظروف الصعبة هو مرافقة ترتيب -البيت الليبي- والسهر على الحفاظ على وحدة الشعب الليبي وسلامة ترابه”، مشيرا إلى أنه ”في حال عدم التوصل إلى اتفاق، فإنه من البديهي أن الخاسر الأكبر هو الشعب الليبي والرابح الأكبر هو الإرهاب وامتداداته والذي كما يعلم الجميع يتغذى من حالات الفوضى”. وتحرص الجزائر على ضم جهودها إلى جهود المجموعة الدولية وبلدان الجوار بحكم الجوار والتاريخ والعلاقات الحضارية والثقافية متعددة الأبعاد التي تتقاسمها مع ليبيا، آملة في أن ترى السلم والاستقرار والأمن يعزز تطلعات شعوب المنطقة. وكانت الجزائر قد جددت في العديد من المناسبات دعواتها للفرقاء الليبيين إلى اعتماد لغة الحوار والتوافق، والتخلي عن الصراعات الهدّامة التي قد تنسف بمكونات الدولة وبوحدة وسيادة المجتمع الليبي. وذلك إخمادا للنيران التي لا تشتعل فقط في خزانات المحروقات، بل قد تمتد إلى عقول وقلوب الناس في مختلف المناطق الليبية. ولن يتأتى ذلك وفق نظرة الجزائر إلا بالعمل على ضرورة إطلاق حوار وطني ليبي يجمع كل الوطنيين الليبيين الذي ينبذون العنف والإرهاب ويؤمنون بالوحدة الوطنية الشاملة، وبالديمقراطية منهجا لبناء مؤسسات الدولة على أساس المواطنة والمساواة في الحقوق والواجبات. كما حرصت الجزائر على حشد الدعم الدولي لفائدة ليبيا بتضافر مختلف الجهود الفردية والجماعية، وحظيت جهودها بإجماع دولي مثلما سبق للممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا، برناردينو ليون، وأن أشار إلى ذلك، حيث أكد دعمه لمبادرة الجزائر لحل الأزمة في ليبيا، كونها تقوم على الحوار بين الفرقاء الليبيين بعيدا عن الحل العسكري، مشيرا إلى أن ليبيا لا يمكن أن تتجاوز مشاكلها إلا عبر ”الحوار السياسي”، وأن جهود الجزائر لإقامة الحوار الليبي ”تتضاعف وتسير في الاتجاه الصحيح”، كما أنها تتطابق مع جهود الأممالمتحدة. وكان مجلس الأمن الدولي قد دعم مقاربة الجزائر بخصوص مواصلة تقديم الدعم والمساعدة للحكومة الليبية لإيجاد حل سلمي للأزمة في البلاد، داعيا في هذا الصدد إلى ضرورة مكافحة التهديدات التي تواجه السلم والأمن الدوليين الناتجة عن أعمال إرهابية، بما فيها تلك الأعمال التي يرتكبها تنظيم” داعش” في ليبيا، حيث تمت الإشارة إلى الأهمية التي تحظى بها الحلول السياسية لإخراج هذا البلد من حلقة صراع طويلة بين الفرقاء، في ظل إجماع دولي على ضرورة عدم تكرار التدخل العسكري في هذا البلد سنة 2011. ولطالما وصف هذا التدخل بالخطأ الاستراتيجي، مما جعل المجموعة الدولية تقتنع بأن الحلول العسكرية لم تعد الوسيلة المثلى لفك خيوط الأزمة الليبية التي ورثت التداعيات الخطيرة لهذا الخيار العسكري رغم تحذيرات الجزائر من تعقد الأوضاع، لما لذلك من تأثير مباشر على المنطقة.